للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويسترجع الْأَمْلَاك والأراضي الْمَوْقُوفَة عَلَيْهَا فَإِنَّهَا تغل جملَة كَبِيرَة فعزم على ذَلِك وَلم يبْق إِلَّا أَن تهدم فَقَامَ فتح الله كَاتب السِّرّ فِي صرف السُّلْطَان عَن ذَلِك ومازال بِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ على أَنه ينْقض مَا وَقفه جمال الدّين ويجدد السُّلْطَان وَقفهَا فَتَصِير مدرسته وَذَلِكَ أَن مَكَان هَذِه الْمدرسَة كَانَ وَقفا على تربة فاستبدله جمال الدّين بِقِطْعَة أَرض من أَرَاضِي مصر الخراجية فَأخذ السُّلْطَان المستبدل بهَا وَقَالَ: إِنِّي لم أذن لَهُ فِي أَخذ هَذِه الأَرْض وَهِي من جملَة أَرَاضِي الْخراج وَإِنَّمَا أَخذهَا افتئاتا. فَصَارَت أَرض هَذِه الْمدرسَة وَقفا على مَا كَانَت عَلَيْهِ قبل بنائها. فَحكم قَاضِي الْقُضَاة الْمَالِكِي أَن الْبناء الْمَوْقُوف على هَذِه الأَرْض ملك لم يَصح وَقفه فَاشْترى السُّلْطَان عِنْد ذَلِك بِنَاء الْمدرسَة بَعْدَمَا قوم بمبلغ عشرَة آلَاف دِينَار من وَرَثَة جمال الدّين ثمَّ أشهد عَلَيْهِ أَنه وَقفه بَعْدَمَا عوض مستحقي أرْضهَا بدلهَا. وَحكم الْقُضَاة الْحَنَفِيَّة بِصِحَّة الِاسْتِبْدَال. وَكتب لَهَا كتاب وقف على مَا كَانَ جمال الدّين قَرَّرَهُ فِيهَا من الْفُقَهَاء والقراء وَغَيرهم. وأبطل مَا كَانَ لأَوْلَاد جمال الدّين من الفائض بعد المصروف. ومزق كتاب وقف جمال الدّين وأفرد لهَذِهِ الْمدرسَة بعض مَا كَانَ جمال الدّين جعله وَقفا عَلَيْهَا وزادها قِطْعَة أَرض بأراضي الجيزية. وَفرق بَاقِي وقف جمال الدّين على التربة الَّتِي أَنْشَأَهَا على قبر أَبِيه خَارج بَاب النَّصْر وعَلى أَوْلَاده وَحكم الْقُضَاة الْأَرْبَعَة بِصِحَّة ذَلِك كُله وَإِبْطَال مَا عمله جمال الدّين. فَلَمَّا تمّ ذَلِك أَمر أَن يمحي اسْم جمال الدّين ورنكه من الْمدرسَة فمحي وَكتب بدله اسْم السُّلْطَان فَصَارَت تدعى بِالْمَدْرَسَةِ الناصرية بَعْدَمَا كَانَ يُقَال لَهَا الجمالية. وَلما سَار السُّلْطَان من هَذِه الْمدرسَة مر بمدرسة أَبِيه فِي بَين القصرين فَنزل إِلَيْهَا أَيْضا وزار جده. ثمَّ ركب وَخرج من بَاب زويلة إِلَى القلعة وَعبر الْأَمِير تمرتاش إِلَى المارستان وَمَعَهُ فتح الله كَاتب السِّرّ وَقد ولاه السُّلْطَان أَيْضا نظر المارستان وَهُوَ بِدِمَشْق عوضا عَن شمس الدّين مُحَمَّد الدَّمِيرِيّ بعد وَفَاته فَنَظَرا فِي أمره وانصرفا وَقد استناب الْأَمِير تمرتاش عَنهُ فِي المارستان الْأَمِير صَلَاح الدّين مُحَمَّد بن الصاحب بدر الدّين حسن بن نصر الله. شهر صفر أَوله الِاثْنَيْنِ: فِي سادسه: وصل الْأَمِير قرقماس نَائِب صفد إِلَى دمشق فأراح بهَا وَسَار إِلَى صفد بَعْدَمَا قدم لَهُ الْأَمِير تغري بردى نَائِب الشَّام مَا يَلِيق بِهِ وأكرمه غَايَة الْإِكْرَام. وَفِي ثَانِي عشره: عين السُّلْطَان اثْنَيْنِ وَعشْرين أَمِيرا من الْأُمَرَاء البطالين ليتوجهوا

<<  <  ج: ص:  >  >>