مدارس آيَات خلت من تِلَاوَة ومنزل وَحي مقفر العرصات فَلم ير بِدِمَشْق أَكثر بكاء من ذَلِك الْيَوْم وَكَانَ الْأَشْرَف على منازلة دمشق فَبعث إِلَى الْكَامِل يستحثه فَرَحل الْكَامِل من تل العجول بعد طول مقَامه بهَا فَتَلقاهُ فِي قَرْيَة يبنا أَخُوهُ الْعَزِيز عُثْمَان صَاحب بانياس بِابْنِهِ الظَّاهِر غَازِي فوصل الْكَامِل الْعَزِيز بِخَمْسِينَ ألف فِي ينار وَابْنه غَازِي بِعشْرَة آلَاف دِينَار وقماش وخلع سنية وَأمر الْكَامِل فَضربت لَهُ خيمة عَظِيمَة وحولها بيوتات وَسَائِر مَا يحْتَاج إِلَيْهِ من الْآلَات والخيام برسم أَصْحَابه ومماليكه ثمَّ وصل إِلَيْهِ أَيْضا الْأَمِير عز الدّين أيدمر المعظمي فَدفع إِلَيْهِ الْكَامِل عشرَة آلَاف دِينَار - وَقيل عشْرين ألف دِينَار - وَكتب لَهُ على الْأَعْمَال القوصية بِعشْرين ألف أردب غلَّة وَأَعْطَاهُ أَمْلَاك الصاحب صفي الدّين بن شكر ورباعه وحمامه وَسَار الْكَامِل إِلَى دمشق فَنزل على ظَاهرهَا فِي جُمَادَى الأولى وجد هُوَ والأشرف فِي حصارها حَتَّى اشْتَدَّ عَطش النَّاس فِي دمشق لانْقِطَاع الْأَنْهَار عَنْهُم وَمَعَ ذَلِك فالحرب بَينهم قَائِمَة فِي كل يَوْم إِلَى آخر رَجَب فغلت الأسعار ونفدت = = = أَمْوَال النَّاصِر وفارقه جمَاعَة من أَصْحَابه وصاروا إِلَى الْكَامِل والأشرف وَأخذ النَّاصِر فِي ضرب أَوَانِيهِ من النصب وَالْفِضَّة دَنَانِير ودراهم وفرقها حَتَّى نفد أَكثر مَا كَانَ عِنْده من الذَّخَائِر وناصحته الْعَامَّة مناصحة كَبِيرَة وابلوا فِي عَسْكَر الْكَامِل والأشرف بلَاء عَظِيما. وَفِي أثْنَاء ذَلِك قدم القَاضِي بهاء الدّين بن شَدَّاد وَمَعَهُ أكَابِر حلب وعدولها من عِنْد الْملك الْعَزِيز مُحَمَّد بن الظَّاهِر غَازِي صَلَاح الدّين صَاحب حلب لتزويج ابْنة الْملك الْكَامِل بِالْملكِ الْعَزِيز خرج الْملك الْكَامِل من مخيمه بِمَسْجِد الْقدَم إِلَى لِقَائِه وأنزله قَرِيبا مِنْهُ ثمَّ أحضرهُ فَقدم لقدمة كَانَت مَعَه من الْملك الْعَزِيز وَعقد العقد للْملك الْعَزِيز على الخاتون فَاطِمَة ابْنة الْملك الْكَامِل الْأَمِير عماد الدّين عمر بن شيخ الشُّيُوخ على صدَاق مبلغه خَمْسُونَ ألف دِينَار فَقبل العقد ابْن شَدَّاد فِي سادس عشر شهر رَجَب فضعف قلب الْملك النَّاصِر دَاوُد وَقلت أَمْوَاله فَخرج لَيْلًا من قلعة دمشق فِي آخر شهر رَجَب وَمَعَهُ نفر يسير وَألقى نَفسه على مخيم الْكَامِل فَخرج إِلَيْهِ الْكَامِل وأكرمه إِكْرَاما زَائِدا وباسطه وَطيب قلبه بعد عتب كثير وَأمره أَن يعود إِلَى القلعة فَعَاد إِلَيْهَا ثمَّ بعد يَوْمَيْنِ بعث الْكَامِل بالأمير فَخر الدّين بن شيخ الشُّيُوخ إِلَى القلعة - وَكَانَ يَوْم جُمُعَة - فصلى بهَا الْجُمُعَة وَخرج وَمَعَهُ النَّاصِر دَاوُد إِلَى الْملك الْكَامِل
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute