وَفِيه تَوَاتَرَتْ الْأَخْبَار بِأَن الأميرين شيخ ونوروز قد الفقا على الْخُرُوج عَن طَاعَة السُّلْطَان وعزما على أَخذ حماة فَوَقع الشُّرُوع فِي عمَارَة قلعة دمشق وَكتب تَقْدِير المصروف على ذَلِك مبلغ ثَلَاثِينَ ألف فِي ينار. وَفِيه وَقع الاهتمام فِي بِلَاد الشَّام بتجهيز الإقامات للسُّلْطَان فَإِنَّهُ عزم على السّفر. وَفِيه شنعت المصادرات بِالْقَاهِرَةِ وفحش أَخذ الْأَمْوَال من النَّاس حَتَّى خَافَ البريء وتوقع كل أحد أَن يحل بِهِ الْبلَاء من الْأَمِير فَخر الدّين الأستادار. وَفِيه أفرج عَن الْأَمِير تَاج الدّين بن الهيصم وخلع عَلَيْهِ خلعة الرِّضَا فاستماله الْأَمِير فَخر الدّين إِلَيْهِ وعزما على أَن يتحدثا مَعَ السُّلْطَان فِي تسليمهما الْوَزير سعد الدّين إِبْرَاهِيم بن البشيري والرئيس تَقِيّ الدّين عبد الْوَهَّاب بن أبي شَاكر نَاظر الْخَاص بِمَال يقومان بِهِ فِي نَظِير مَا عساه يُؤْخَذ مِنْهُمَا بأنواع الْعُقُوبَات. فَلَمَّا بلغهما ذَلِك بادرا واتفقا مَعَ السُّلْطَان وأرضياه بِمَال جزيل فَقبض على الْأَمِير فَخر الدّين وعَلى الْأَمِير تَاج الدّين فِي عصر يَوْم الِاثْنَيْنِ سلخه على حِين غَفلَة وسلمهما للوزير سعد الدّين ففوجئ النَّاس من السرُور مَا لَا يعبر عَنهُ وأظهروا من الْفَرح شَيْئا زَائِدا. وَنزل الْوَزير بِابْن أبي الْفرج مَعَه إِلَى دَاره وَأذن لَهُ فِي عُقُوبَته فَلم يدع نوعا من أَنْوَاع الْعَذَاب حَتَّى عاقبه بِهِ فَلم يعْتَرف بِشَيْء وَوجد لَهُ نَحْو سِتَّة آلَاف دِينَار وجرار كَثِيرَة قد ملئت خمرًا فطرحت كل جرة بِمِائَة دِرْهَم على باعة الْخمر فَكَانَ هَذَا من أقبح مَا سمع بِهِ. شهر رَجَب أَوله الِاثْنَيْنِ: فِيهِ شرع الْأَمِير غرس الدّين خَلِيل الأشقتمري الأستادار بِدِمَشْق فِي تَقْرِير الشّعير على بساتين دمشق وضياعها كَمَا فعل فِيمَا مضى. وَفِيه رجم رجل تركماني تَحت قلعة دمشق أقرّ بِالزِّنَا وَكَانَ رجمه بَعْدَمَا كتف وأقعد فِي حُفْرَة. وَمَا زَالَ يرْجم حَتَّى مَاتَ. ثمَّ غسل وَصلى عَلَيْهِ وَدفن. وَفِي هَذَا الشَّهْر خرج السُّلْطَان للصَّيْد فَبَاتَ لَيْلَة وعزم على مبيت لَيْلَة أُخْرَى بِنَاحِيَة سرياقوس فَبَلغهُ أَن طَائِفَة من الْأُمَرَاء والمماليك اتَّفقُوا عَلَيْهِ فَعَاد إِلَى قلعة الْجَبَل سَرِيعا وتتبع مَا قيل لَهُ حَتَّى ظفر بمملوكين عِنْدهمَا الْخَبَر فعوقبا فِي ثامن عشره فاظهرا ورقة فِيهَا خطوط جمَاعَة وَكَبِيرهمْ الْأَمِير جانم. وَكَانَ جانم قد سَافر
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute