للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

ويسيران تَحت القلعة بموكبهما سَاعَة ثمَّ يدخلَانِ إِلَى دَار السَّعَادَة فيجلس الْأَمِير طوغان الدوادار على عَادَته والأمراء على مَرَاتِبهمْ وَيقْرَأ كَاتب السِّرّ فتح الله الْقَصَص على أَمِير الْمُؤمنِينَ فيمضي مَا يخْتَار إمضاءه ثمَّ يقدم إِلَيْهِ المراسيم والأمثلة فَيعلم عَلَيْهَا. ويمد السماط بَين يَدَيْهِ فيأكل الْأُمَرَاء كَمَا جرت بِهِ عَادَتهم فَإِذا انْقَضتْ الْخدمَة قَامُوا وصاروا إِلَى دُورهمْ. فَكَانَ النَّاس يتوقعون عود الْفِتْنَة بَين الأميرين شيخ ونوروز إِلَى أَن اخْتَار نوروز من تِلْقَاء نَفسه أَن يكون بِالشَّام وخلع عَلَيْهِ. وعندئذ انْفَرد الْأَمِير شيخ بتدبير المملكة وَأخذ جَانب الْخَلِيفَة فِي الأتساع وفوض إِلَى الْأَمِير نوروز كَفَالَة الشَّام كُله - دمشق وحلب وحماة - وَجعل لَهُ تعْيين الإمريات والإقطاعات لمن يُريدهُ ويختاره وَأَن يولي النواب بالقلاع وَغَيرهَا ويولي الْكَشَّاف والولاة بِالْأَعْمَالِ ويولي المباشرين أَيْضا ويطالع الْخَلِيفَة بِمن يسْتَقرّ بِهِ فِي شَيْء من ذَلِك ليجهز إِلَيْهِ التشريف فَكَانَت مُدَّة نِيَابَة الْأَمِير بكتمر نَحْو الشَّهْرَيْنِ. وَفِي سادس عشرينه: استدعى أَمِير الْمُؤمنِينَ شيخ الْإِسْلَام قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين أَبَا الْفضل عبد الرَّحْمَن بن البُلْقِينِيّ وخلع عَلَيْهِ وَأَعَادَهُ إِلَى قَضَاء الْقُضَاة بالديار المصرية فَكَانَت ولَايَة الباعوني نَحْو شهر ثمَّ خلع على بَقِيَّة قُضَاة مصر وخلع على نَاصِر الدّين مُحَمَّد بن مُحَمَّد البصروي موقع الْأَمِير نوروز وَاسْتقر بِهِ فِي كِتَابَة السِّرّ بِدِمَشْق عوضا عَن ابْن الْآدَمِيّ وأضاف إِلَيْهِ قَضَاء طرابلس وَأذن لَهُ أَن يَسْتَنِيب فِيهِ. وَفِي ثامن عشرينه: قدم كتاب الْخَلِيفَة وكتابي الأميرين شيخ ونوروز إِلَى الْأُمَرَاء بديار مصر تَتَضَمَّن أَخذ النَّاصِر فرج فقرئت الْكتب عِنْد الْأَمِير يلبغا الناصري وَعند الْأَمِير ألطنبغا العثماني. ثمَّ نُودي بِالْقَاهِرَةِ: الْأمان فَإِن فرج بن برقوق قد مسك وَدخل فِي قَبْضَة الْأَمِير شيخ ونوروز وَأرْسلت الْكتب إِلَى الْجَوَامِع فقرئت بالجامع الْأَزْهَر وبجامع الْحَاكِم من الْقَاهِرَة وبجامع أَحْمد بن طولون وجامع عَمْرو من مَدِينَة مصر على المنابر فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً. وَامْتنع الْأَمِير أسنبغا الزردكاش بقلعة الْجَبَل وَكذب ذَلِك وَأَرَادَ أَن يركب للحرب. فساس الْأَمِير يلبغا الناصري الْحَال حَتَّى كف أسنبغا عَن الْفِتْنَة. وَفِي هَذَا الشَّهْر: بَث أَمِير الْمُؤمنِينَ كتبه فِي الْبِلَاد الشامية وَغَيرهَا إِلَى التركمان والعربان والعشير وَجعل افتتاحها بعد الْبَسْمَلَة: من عبد الله ووليه الإِمَام المستعين بِاللَّه أَمِير الْمُؤمنِينَ وَخَلِيفَة رب العاملين وَابْن عَم سيد الْمُرْسلين المفترض طَاعَته على الْخلق أَجْمَعِينَ. أعز الله بِبَقَائِهِ الدّين إِلَى فلَان ...

<<  <  ج: ص:  >  >>