للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْجَبَل وتحضر إِلَيْهِ المراسيم فَيكْتب عَلَيْهَا بِحَسب مَا يختاره الْأَمِير شيخ إِلَى أَن كَانَ يَوْم الِاثْنَيْنِ مستهل شعْبَان هَذَا وَاجْتمعَ قُضَاة الْقُضَاة الْأَرْبَع وَجَمِيع الْأُمَرَاء وكافة أَرْبَاب الدولة بِمَجْلِس الْخدمَة مَعَ الحراقة وَعمل الموكب على الْعَادة قَامَ فتح الدّين فتح الله كَاتب السِّرّ على قَدَمَيْهِ وَقَالَ لمن حضر أَن الْأَحْوَال ضائعة وَلم يعْهَد أهل نواحي مصر عِنْدهم اسْم الْخَلِيفَة وَلَا تستقيم الْأُمُور إِلَّا بِأَن يقوم سُلْطَان على الْعَادة. ودعاهم إِلَى الْأَمِير شيخ فَقَالَ الْأَمِير شيخ: هَذَا أَمر لَا يتم إِلَّا برضى أهل الْحل وَالْعقد فَقَالَ من حضر من الْأُمَرَاء بِلِسَان وَاحِد: نَحن راضون بالأمير الْكَبِير. فَمد قَاضِي الْقُضَاة شيخ الْإِسْلَام جلال الدّين أَبُو الْفضل عبد الرَّحْمَن بن البُلْقِينِيّ يَده وَبَايَعَهُ فَلم يخْتَلف عَلَيْهِ أحد وَقَامَ من فوره إِلَى مخدع بجانبه وَلبس الْخلْع السود الخليفتية وتقلد بِالسَّيْفِ على الْعَادة وَخرج شيخ مركب فرس النّوبَة والأمراء وَغَيرهم مشَاة إِلَى أَن عبر الْقصر الْكَبِير من قلعة الْجَبَل فَجَلَسَ على تخت الْملك وسرير السلطنة وَقبل الْأُمَرَاء الأَرْض بَين يَدَيْهِ فَلَمَّا اسْتَقر لَهُ الْأَمر بعث وَهُوَ بِالْقصرِ الْقُضَاة إِلَى الْخَلِيفَة ليسلموا عَلَيْهِ ويشهدوا عَلَيْهِ بِأَنَّهُ فوض إِلَيْهِ السلطنة كَمَا جرت بِهِ عَادَة مُلُوك التّرْك بِمصْر فَدَخَلُوا إِلَيْهِ وراودوه على ذَلِك فتوقف فِي الْإِشْهَاد عَلَيْهِ بتفويض السلطنة توقفاً كَبِيرا. ثمَّ اشْترط أَن يُؤذن لَهُ فِي النُّزُول من القلعة إِلَى دَاره وَأَن يخلص لَهُ السُّلْطَان بِأَنَّهُ يناصحه سرا وجهراً وَيكون سلما لمن سالمه حَربًا لمن حاربه فَعَاد الْقُضَاة إِلَى السُّلْطَان وردوا الْخَبَر عَلَيْهِ وحسنوا عبارَة الرَّد فَأجَاب. ليمهل علينا أَيَّامًا فَإِن الْآن لَا يُمكن نُزُوله إِلَى بَيته. فنزلوا إِلَى دُورهمْ وَكَانَت مُدَّة إِقَامَة الْخَلِيفَة حَاكما - مُنْذُ جلسته خَارج دمشق إِلَى هَذَا الْيَوْم - سَبْعَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام. وَإِلَى يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِيه: قدم الْأَمِير جقمق الدوادار إِلَى دمشق فَتَلقاهُ النَّاس وأنزله الْأَمِير نوروز بدار السَّعَادَة وخلع عَلَيْهِ خلعة سنية وَفِي ظَنّه أَن الْأَمر بيد الْخَلِيفَة. ثمَّ سَار بعد أَيَّام إِلَى طرابلس. وَفِي رابعه: نَادِي الْأَمِير نوروز بِدِمَشْق أَلا يتعامل أحد بِالدَّرَاهِمِ المغشوشة وَأَن تكون الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ الْخَالِصَة الَّتِي استجد ضربهَا وَكَانُوا بِدِمَشْق يتعاملون بهَا جَمِيعًا إِلَى أَن ضربت فلوس جدد زنة الْفلس مِنْهَا مِثْقَال وَكَانَت الدَّرَاهِم المغشوشة قد فَسدتْ بِحَيْثُ لم يكد يُوجد فِيهَا - إِذا سبكت - شَيْء من الْفضة وتعاملوا بَينهم على صرف خَمْسَة مِنْهَا بدرهم خَالص مِمَّا وَزنه نصف دِرْهَم فضَّة، ثمَّ نُودي بتسعير المأكل، فسعرت.

<<  <  ج: ص:  >  >>