وَنزل على نَاحيَة أوسيم وَتَبعهُ الْأُمَرَاء والمماليك وَخرجت الزردخاناة فَأَقَامَ أَيَّامًا ثمَّ توجه إِلَى نَاحيَة الْبحيرَة لقبض مشايخها فَأَقَامَ على تروجة وَولي الْأَمِير كمشبغا العيساوي كشف الْوَجْه البحري وَاسْتمرّ هُنَاكَ إِلَى آخر السّنة. وَفِي هَذَا الشَّهْر: وَقع وباء بكورة البهنسي وَاسْتمرّ بَقِيَّة السّنة. وَفِي هَذِه الْمدَّة: كثر حمل شجر النارنج حَتَّى أبيع كل مائَة وَعشر حبات نارنج بدرهم بندقي زنته نصف دِرْهَم فضَّة عَنهُ من الْفُلُوس رطلان فَيكون بِاثْنَيْ عشر درهما وَلم نعهد مثل هَذَا وَقَالَ لي شَيخنَا - الْأُسْتَاذ قَاضِي الْقُضَاة ولي الدّين أَبُو زيد عبد الرَّحْمَن بن خلدون - مَا كثر النارنج بِمَدِينَة إِلَّا أسْرع إِلَيْهَا الخراب. وَوَقع فِي الْخَامِس من ذِي الْحجَّة بِمَكَّة أَن الْأَمِير جقمق أَمِير الْحَاج الْمصْرِيّ ضرب أحد عبيد مَكَّة وَقَيده لكَونه يحمل السِّلَاح فِي الْحرم وَكَانَ قد منع من ذَلِك ثارت فتْنَة انتهكت فِيهَا حُرْمَة الْمَسْجِد الْحَرَام وَدخلت الْخَيل إِلَيْهِ عَلَيْهَا الْمُقَاتلَة من قواد مَكَّة الْعمرَة لِحَرْب الْأَمِير جقمق وَأدْخل هُوَ أَيْضا خيله الْمَسْجِد فباتت بِهِ تروث وَأوقدت فِيهِ مشاعله وَأمر بتسمير أَبْوَاب الْمَسْجِد فسمرت كلهَا إِلَّا ثَلَاثَة أَبْوَاب ليمتنع من يَأْتِيهِ. ثمَّ أَنه أطلق الَّذِي ضربه فسكنت الْفِتْنَة من الْغَد بَعْدَمَا قتل جمَاعَة. وَلم يحجّ أَكثر أهل مَكَّة من كَثْرَة الْخَوْف. وَنهب بمأزمي عَرَفَة جمَاعَة وجرحوا وَقدم الْخَبَر بِأَن الْأَمِير يغمور بن بهادر الذكرى - من أُمَرَاء التركمان - مَاتَ هُوَ وَولده فِي يَوْم وَاحِد بطاعون فِي أول ذِي الْقعدَة وَأَن قرا يُوسُف انْعَقَد بَينه وَبَين شاه رخ بن تيمورلنك صلح وتصاهرا. وفيهَا نزل ملك البرتقال من الفرنج على مَدِينَة سبتة فِي ثَلَاثمِائَة مركب وَأقَام بِجَزِيرَة فِيمَا بَينهَا وَبَين جبل الْفَتْح - يُقَال لَهَا طرف الْقنْدِيل - مُدَّة حَتَّى مل الْمُسلمُونَ الَّذين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute