للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

حشروا بسبتة من الْجبَال ونفدت أَزْوَادهم وعادوا إِلَى حبالهم فطرقها عِنْد ذَلِك الفرنج وقاتلوا الْمُسلمين وهزموهم وركبوا أقفيتهم وعبروا بَاب الميناء فَتحمل الْمُسلمُونَ بِمَا قدرُوا عَلَيْهِ ومروا على وُجُوههم فتملك البرتقال سبتة فِي سَابِع شعْبَان مِنْهَا. وَكَانَ لذَلِك أَسبَاب مِنْهَا أَن بني مرين - مُلُوك فاس - لما ملكوها ساءت سيرتهم فِي أَخذ أَمْوَال أَهلهَا ثمَّ أَن مُوسَى بن أبي عنان لما ملك أعْطى سبتة لأبي عبد الله مُحَمَّد بن الْأَحْمَر فَنقل مِنْهَا الْعدَد الحربية بأجمعها إِلَى غرناطة فَلَمَّا اسْتردَّ بَنو مرين سبتة ساءت سيرة عمالهم بهَا وَكثر ظلمهم فَوَقع الوباء الْعَظِيم بهَا حَتَّى باد أعيانها وَكَانَ من فَسَاد ملك بني مرين وخراب فاس وأعمالها مَا كَانَ فاغتنم الرند ذَلِك ونزلوا على سبتة فَلم يَجدوا فِيهَا من يدفعهم وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور. وفيهَا كَانَت وقْعَة بَين الْأَمِير مُحَمَّد بن عُثْمَان وَبَين الْأَمِير مُحَمَّد بن قرمان انهزم فِيهَا ابْن قرمان وَنَجَا بِنَفسِهِ. وفيهَا أحرق قبر الشَّيْخ عدي بجبل هطار من بِلَاد الأكراد وَهَذَا الشَّيْخ عدي هُوَ عدي بن مُسَافر الهكاري - بتَشْديد الْكَاف - صحب عدَّة من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَسكن جبل الطَّائِفَة الهكارية من مَشَايِخ الصُّوفِيَّة وَسكن جبل الطَّائِفَة الهكارية من الأكراد وَهُوَ من أَعمال الْموصل وَبني لَهُ بِهِ زَاوِيَة فَمَال إِلَيْهِ بِتِلْكَ النواحي من بهَا واعتقدوا صَلَاحه وَخَرجُوا فِي اعْتِقَاده عَن الْحَد فِي الْمُبَالغَة حَتَّى مَاتَ عَن تسعين سنة فِي سنة سبع - وَقيل خمس - وَخمسين وَخَمْسمِائة فَدفن بزاويته وعكفت طائفته الْمَعْرُوفَة بالعدوية على قَبره وهم عدد كثير وجعلوه قبلتهم الَّتِي يصلونَ إِلَيْهَا وذخيرتهم فِي الْآخِرَة الَّتِي يعولون عَلَيْهَا وَصَارَ قَبره أحد المزارات المعدودة والمشاهد الْمَقْصُودَة لِكَثْرَة أَتْبَاعه وشهرته هُوَ فِي الأقطار وَصَارَ أَتْبَاعه يُقِيمُونَ بزاويته عِنْد قَبره شعاره ويقتفون آثاره وَالنَّاس مَعَهم على مَا كَانُوا عَلَيْهِ زمن الشَّيْخ من جميل الِاعْتِقَاد وتعظيم الْحُرْمَة فَلَمَّا تطاولت الْمدَّة تزايد غلو أَتْبَاعه فِيهِ حَتَّى زَعَمُوا أَن الشَّيْخ عدي بن مُسَافر هَذَا هُوَ الَّذِي يرزقهم وصرحوا بِأَن كل رزق لَا يَأْتِي من الشَّيْخ عدي لَا نرضاه وَأَن الشَّيْخ عدي جلس مَعَ الله تَعَالَى - عَن قَوْلهم - وَأكل مَعَه

<<  <  ج: ص:  >  >>