وأكثرها ضَرَرا لما نزل بِأَهْل الْجَامِع من الْبِلَاد الْكَبِير وتشتت كل الْفُقَرَاء وَعز عَلَيْهِم وجود مَا كَانَ يأويهم فَسَارُوا فِي الْقرى وتبدلوا بعد الصيانة وفقد من الْجَامِع مَا كَانَ يُوجد فِيهِ من كَثْرَة تِلَاوَة الْقُرْآن ودراسة الْعلم وَذكر الله تَعَالَى ثمَّ لم يقنع بِمَا صنع حَتَّى زَاد فِي التَّعَدِّي وأغرى الْأَمِير سودن القَاضِي بِأَن أُنَاسًا يبيتُونَ بالجامع ويفعلون مَا لَا يَنْبَغِي ذكره وَكَانَت الْعَادة أَيْضا قد جرت بمبيت كثير من النَّاس فِي هَذَا الْجَامِع مَا بَين تَاجر وفقيه وجندي وَغَيرهم مِنْهُم من يقْصد بمبيته الْبركَة وَمن النَّاس من لَا يجد مَكَانا يأويه وَفِيه من يستروح بالمبيت فِيهِ خُصُوصا فِي زمن الصَّيف وَأَيَّام المواسم فَإِنَّهُ يمتلئ صحنه وَأكْثر رواقاته. فَلَمَّا كَانَ فِي لَيْلَة الْأَحَد حادي عشر جُمَادَى الْآخِرَة: طرق الْأَمِير سودن الْجَامِع بعد عشَاء الْآخِرَة وَالْوَقْت صيف وَقبض جمَاعَة وضربهم وَكَانَ قد حضر مَعَه من الأعوان والغلمان وَمن يقْصد النهب أمة كَبِيرَة فَحل بِمن كَانَ بالجامع أَنْوَاع من الْبلَاء وَوَقع النهب فيهم فَأخذت عمائمهم وفرشهم وفتشوا فَأخذ من عدَّة من النَّاس مَال كَانَ على أوساطهم مَا بَين ذهب وَفِضة وَفِيهِمْ من سلب ثِيَابه فَكَانَ أمرا من الشناعة لم يسمع بأقبح مِنْهُ سِيمَا وَالنَّاس يَوْمئِذٍ يتظاهرون بأنواع الْمُحرمَات القبيحة تظاهر من يتبجح بِمَا يعْمل ويفتخر بِمَا يُبْدِي وَرَأى الماحوزي أَنه قد أَزَال الْمُنكر من الْجَامِع وَلم يبْق من الْمَعْرُوف إِلَّا عمل ثوب أسود غشي بِهِ الْمِنْبَر وجدد لَهُ علمين بلغت النَّفَقَة على ذَلِك نَحْو خَمْسَة عشر ألف دِرْهَم فسبحان من يضل من وَفِي هَذَا الشَّهْر: قدم الْأُمَرَاء من سفرهم بالبحيرة وَذَلِكَ أَن أهل الْبحيرَة فروا مِنْهُم إِلَى جِهَة الفيوم فَسَار الْأَمِير تنبك ميق وسودن القَاضِي حَاجِب الْحجاب إِلَى حربهم بالفيوم فَلم يظفرا بهم. وَفِي ثَانِي عشرينه: اسْتَقر الْأَمِير مُشْتَرك فِي نِيَابَة غَزَّة عوضا عَن طرباي. وَفِي سَابِع عشرينه: خلع على الْأَمِير ألطنبغا القرمشي أَمِير أخور وَاسْتقر أَمِيرا كَبِيرا عوضا عَن الْأَمِير ألطنبغا العثماني. وَفِيه قدم رَسُول دوج البنادقة من الفرنج بكتابه وهدية فِيهَا هناب بلور محلى بِفِضَّة مجراة بالمينا وَأَرْبَعَة طشوت بأَرْبعَة أَبَارِيق وَخَمْسَة أطباق وهناب وشربتان كل ذَلِك فضَّة مجراة بالمينا وملعقة فضَّة بساعد مرجان وجوخ وحرير مخمل وحلوى سكرية وزجاج فعرب كِتَابه وَقبلت هديته.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute