للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَرَمَاهُ من بالقلعة بالمجانيق. فانتقل إِلَى خَان السُّلْطَان وَبَات فِي خيمة وَهُوَ يحاصر القلعة. وَنزل على بَاب الفرنج تنبك البجاسي نَائِب حماة وعَلى الْبَاب الَّذِي من جِهَة بَاب الْبَرِيد الْأَمِير طرباي نَائِب غَزَّة وعَلى بَاب الْحَدِيد الْأَمِير تنبك دوادار قانباي إِلَى أَن بَلغهُمْ وُصُول العساكر سَارُوا من دمشق. وَكَانَ الْأَمِير ألطنبغا العثماني قد توجه على بِلَاد المرج إِلَى جرود فجد الْعَسْكَر السّير وَرَاء قانباي إِلَى أَن نزلُوا بَرزَة وَتقدم مِنْهُم طَائِفَة فَأخذُوا من ساقته أغناماً وَغَيرهَا وجرح أَحْمد بن تنم فِي يَده بنشاب وجرح مَعَه جمَاعَة فَلَمَّا بلغ الْخَبَر الْأَمِير أينال الصصلاني نَائِب حلب رَحل فِي ثَالِث عشره من حلب فَنزل قانباي سلمية فِي سلخه ثمَّ رَحل من حماة لَيْلَة ثَانِي عشر شهر شعْبَان يُرِيد حلب فَاجْتمع بأينال نَائِب حلب فِي نَهَار الْأَرْبَعَاء حادي عشره وَاتَّفَقُوا جَمِيعًا على التَّوَجُّه إِلَى جِهَة العمق وسيروا أثقالهم فِي لَيْلَة الْخَمِيس وَأَصْبحُوا وَقد أَجْهَر نَائِب قلعة حلب النداء بالنفير الْعَام فَأَتَاهُ جلّ أهل حلب وَنزل بِمن عِنْده من الْعَسْكَر فَلم يثبتوا وفر قانباي وأينال الصصلاني على خَان طومان وتخطف الْعَامَّة بعض أثقالهم. وَكَانَ السُّلْطَان قد بلغه - وَهُوَ بِرَأْس وَادي عارا يُرِيد دمشق - فرار قانباي فَعدى السّير حَتَّى دخل دمشق. وَفِيه صَار الْجَامِع الْأَزْهَر تَحت نظر الْأَمِير سودن القَاضِي حَاجِب الْحجاب فاستناب عَنهُ فِي النّظر رجلا مِمَّن قدم إِلَى الْقَاهِرَة مَعَ الْملك الْمُؤَيد شيخ من دمشق واشتهر بمجالسته وَعرف بِكَثْرَة الترداد إِلَيْهِ يُقَال لَهُ شمس الدّين طغد الخواجا الشَّمْس الماجوزي - يعاني المتجر - فجرت فِي مُبَاشرَة هَذَا الْمَذْكُور حوادث بالجامع الْأَزْهَر لم يعْهَد لَهَا نَظِير فِي شناعتها مِنْهَا أَنه لم يزل هَذَا الْجَامِع مُنْذُ بني يجاور بِهِ طوائف من النَّاس مَا بَين عجم ومغاربة وزيالع وَمن يرد من أَرض الرِّيف إِلَى الْقَاهِرَة من طلبة الْعلم وَلكُل طَائِفَة رواق يخْتَص بهم فَلَا يبرح عَامِرًا بِتِلَاوَة الْقُرْآن ودراسته وتعليمه والاشتغال بأنواع الْعُلُوم من الْفِقْه والنحو وَسَمَاع الحَدِيث وَعقد مجَالِس الْوَعْظ فيجد الْإِنْسَان إِذا دخل إِلَيْهِ من الْأنس بِاللَّه والارتياح وترويح النَّفس مَا لَا يجده قبل أَن يصير فِيهِ وَصَارَ أَرْبَاب الْأَمْوَال يقصدون هَذَا الْجَامِع بأنواع الْبر من الذَّهَب وَالْفِضَّة والفلوس مساعدة للمقيمين بِهِ على التفرغ لِلْعِبَادَةِ وَفِي كل قَلِيل تحمل إِلَيْهِم أَنْوَاع الْأَطْعِمَة وَالْخبْز والحلاوات لاسيما فِي المواسم وَبلغ عدد مجاوريه إِلَى سَبْعمِائة وَخمسين رجلا فَأمر الماجوزي - فِي جُمَادَى الأولى من هَذِه السّنة - بِإِخْرَاج المجاورين من الْجَامِع ومنعهم من الْإِقَامَة بِهِ وَأخرج مَا كَانَ لَهُم فِيهِ من صناديق وَنَحْوهَا ظنا مِنْهُ أَن هَذَا الْفِعْل مِمَّا يُثَاب عَلَيْهِ من الله وَمَا كَانَ إِلَّا من أعظم الذُّنُوب وأشدها نكراً

<<  <  ج: ص:  >  >>