وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ خَامِس عشرينه شعْبَان: ركب السُّلْطَان من قلعة الْجَبَل إِلَى ظَاهر الْقَاهِرَة وَعبر من بَاب النَّصْر وَمر فِي شَارِع الْمَدِينَة إِلَى القلعة وَبَين يَدَيْهِ الهجن الَّتِي عينهَا للسَّفر مَعَه إِلَى الْحجاز وَعَلَيْهَا حلي الذَّهَب وَالْفِضَّة فَكَانَ يَوْمًا عَظِيما فَمَا هُوَ إِلَّا أَن اسْتَقر بالقلعة قدم الْأَمِير بردبك الحمزاوي - أحد أُمَرَاء الألوف بحلب - وَمَعَهُ نَائِب كختا - الْأَمِير منكلي بغا - بِكِتَاب نَائِب حلب والأمير عُثْمَان بن طرعلي الْمَعْرُوف بقرايلك بِأَن قرايلك عدى الْفُرَات من مَكَان يُقَال لَهُ زغموا وَنزل على نهر الْمَرْزُبَان وَذَلِكَ أَنه بلغه أَن قرايوسف قصد كبسه مِمَّا أحسن قرايلك إِلَّا وَقد هجمت فرقة من عَسْكَر قرايوسف عَلَيْهِ من شميصات دخل بهم خَلِيل نَائِب كركر فأدركوا قرايلك عِنْد رحيله من نهر الْمَرْزُبَان إِلَى مرج دابق فَقَاتلهُمْ فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشر شعْبَان هَذَا وَأخذُوا بعض أثقاله فَنزل مرج دابق ثمَّ قدم حلب فِي نَحْو ألف فَارس باستدعاء الْأَمِير يشبك لَهُ فجفل من كَانَ خَارج سور مَدِينَة حلب ورحلوا لَيْلًا عَن آخِرهم. واضطرب من بداخل السُّور وألقوا بِأَنْفسِهِم من السُّور ورحل أجناد الْحلقَة ومماليك النَّائِب المستخدمين بحرمهم وَأَوْلَادهمْ فانثنى عزم السُّلْطَان عَن السّفر إِلَى الْحجاز وَكتب إِلَى العساكر الشامية فِي الْمسير إِلَى حلب وَالْأَخْذ فِي تهيئة الإقامات. وَأصْبح يَوْم الثُّلَاثَاء سادس عشرينه وَقد جمع الْأُمَرَاء والخليفة وقضاة الْقُضَاة وَطلب شيخ الْإِسْلَام جلال الدّين البُلْقِينِيّ وقص عَلَيْهِم خبر قرايوسف وَمَا حصل لأهل حلب من الْخَوْف والفزع وجفلتهم - هم وَأهل حماة - وَأَن الْحمار بلغ ثمنه خَمْسمِائَة دِرْهَم فضَّة والأكديش إِلَى خمسين دِينَارا وَأَن قرايوسف فِي عصمته أَرْبَعُونَ امْرَأَة وَأَنه لأيدين بدين الْإِسْلَام وَكتب صُورَة فَتْوَى فِي الْمجْلس فِيهَا كثير من قبائحه وَأَنه قد هجم على ثغور الْمُسلمين وَنَحْو هَذَا من الْكَلَام. فَكتب شيخ الْإِسْلَام جلال الدّين البُلْقِينِيّ وقضاة الْقُضَاة بجوار قِتَاله. وَكتب الْخَلِيفَة خطه بهَا أَيْضا. وَانْصَرفُوا وَمَعَهُمْ الْأَمِير مقبل الداودار فَنَادوا فِي النَّاس بِالْقَاهِرَةِ بَين يَدي الْخَلِيفَة وَشَيخ الْإِسْلَام وقضاة الْقُضَاة الْأَرْبَع بِأَن قرايوسف يسْتَحل الدِّمَاء
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute