وَيَسْبِي الْحَرِيم وَيخرب الديار فَعَلَيْكُم بجهاده كلكُمْ بأموالكم وَأَنْفُسكُمْ. فدهى النَّاس عِنْد سماعهم هَذَا وَاشْتَدَّ قلقهم. وَكتب إِلَى ممالك الشَّام أَن يُنَادي بِمثل ذَلِك فِي كل مَدِينَة وَأَن السُّلْطَان وَاصل إِلَيْهِم بِنَفسِهِ وعساكره. وَكتب إِلَى الْوَجْه القبلي بإحضار الْأُمَرَاء. وَفِيه بلغ مَاء النّيل فِي زِيَادَته عشر أَصَابِع من تِسْعَة عشر ذِرَاعا وَنقص فِي يَوْمه إِصْبَعَيْنِ بَعْدَمَا نقص خمْسا وَذَلِكَ قبل أَوَان نَقصه فارتفع سعر الغلال وتخوف النَّاس الغلاء. وَفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء سَابِع عشرينه: نُودي بَين يَدي الْأَمِير خرز نقيب الْجَيْش فِي أجناد الْحلقَة بتجهيز أَمرهم للسَّفر إِلَى الشَّام وَمن تَأَخّر حل بِهِ كَذَا وَكَذَا من الْعقُوبَة. شهر رَمَضَان أَوله الْأَحَد: فِيهِ قدم الْخَبَر بِأَن قرايلك رَحل من حلب وَأقَام بهَا الْأَمِير يشبك نازلاً بالميدان وَعِنْده نَحْو مائَة وَأَرْبَعين فَارِسًا وَقد خلت حلب من أَهلهَا إِلَّا من التجأ إِلَى قلعتها. فَأَتَاهُ النذير لَيْلًا أَن عسكرا قرايوسف قد أدْركهُ فَركب قبيل الصُّبْح فَإِذا مقدمته مُعلى وَطْأَة بابلاً فواقعهم وَهَزَمَهُمْ وَقتل وَأسر جمَاعَة فأخبروه أَنهم جَاءُوا لكشف خبر قرايلك وَأَن قرايوسف بِعَين تَابَ. فَعَاد وَتوجه إِلَى سرمين فَلَمَّا بلغ قرايوسف هزيمَة عسكره كتب إِلَى نَائِب حلب يعْتَذر عَن نُزُوله بِعَين تَابَ وَأَنه مَا قصد إِلَّا قرايلك فَإِنَّهُ أفسد فِي ماردين فَبعث إِلَيْهِ صاروخان - مهمندار حلب - فَلَقِيَهُ على جَانب الْفُرَات وَقد جَازَت مَجْمُوعَة الْفُرَات وَهُوَ على نِيَّة الْجَوَاز فَأكْرمه وَاعْتذر عَن وُصُوله إِلَى عين تَابَ وَحلف أَنه لم يقْصد دُخُول الشَّام وَأَعَادَهُ بهدية للنائب فسر السُّلْطَان بذلك. وَكَانَ سَبَب حَرَكَة قرايوسف أَن الْأَمِير فَخر الدّين عُثْمَان بن طر عَليّ بن مُحَمَّد - وَيُقَال لَهُ قرايلك - صَاحب آمد نزل فِي أَوَائِل شعْبَان على مَدِينَة ماردين من بِلَاد قرايوسف فأوقع بِأَهْلِهَا وأسرف فِي قَتلهمْ وَسبي نِسَاءَهُمْ وَبَاعَ الْأَوْلَاد وَالنِّسَاء حَتَّى أبيع صَغِير بِدِرْهَمَيْنِ وَحرق الْمَدِينَة وَرجع إِلَى آمد فَلَمَّا بلغ قرايوسف ذَلِك اشْتَدَّ حنقه وَسَار وَمَعَهُ الطَّائِفَة الْمُخَالفَة للسُّلْطَان يُرِيد أَخذ قرايلك وَنزل على آمد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute