وَفِي سادس عشره: استدعى قَاضِي الْقُضَاة شمس الدّين مُحَمَّد الديري الْحَنَفِيّ - محتسب الْقَاهِرَة - صدر الدّين أَحْمد بن العجمي طلبا مزعجاً لما بلغه أَنه انْتقصَ عبد الله بن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا فأوقفه بَين يَدَيْهِ وَادّعى عَلَيْهِ مُدع أَنه قَالَ: وإيش هُوَ عبد الله بن عَبَّاس بِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِمَام أبي حنيفَة رَحمَه الله فَأمر بِهِ فسجن بِالْمَدْرَسَةِ الصالحية حَتَّى تُقَام عَلَيْهِ الْبَيِّنَة بذلك وَكَانَ سَبَب هَذَا أَن السُّلْطَان لما اشْتَدَّ بِهِ الْمَرَض أفتاه بعض الْفُقَهَاء أَن يجمع بَين كل صَلَاتَيْنِ مَا دَامَ مَرِيضا فَلَمَّا فعل ذَلِك أنكرهُ صدر الدّين على مُقْتَضى مذْهبه وَهُوَ الْمَنْع من الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي الْمَرَض وَالسّفر وَقَالَ للسُّلْطَان: مذهبك حَنَفِيّ وَلَا يجوز تقليدك غير مَذْهَب أبي حنيفَة فناظره بعض من هُنَاكَ على جَوَاز الْجمع وَأَنه ثَبت فِي صَحِيح مُسلم وَغَيره وَقد ذهب عبد الله بن عَبَّاس إِلَى الْجمع بَين الصَّلَاتَيْنِ فِي الْحَضَر من غير عذر وَاخْتَارَ طَائِفَة من أهل الْعلم الْجمع فِي حَال الْمَرَض فَلم يحسن الرَّد وَقَالَ فِي مُسلم عدَّة أَحَادِيث غير صَحِيحَة وَأخذ فِي تَفْصِيل أبي حنفية بِمَا نسبوه فِيهِ إِلَى غضه من ابْن عَبَّاس وترجيح أبي حنيفَة عَلَيْهِ فشنعوا عَلَيْهِ ذَلِك وَقد حرك مِنْهُم أحقاداً فِي أنفسهم أنتجها جرأته وإقدامه حَتَّى رسم وَفِي سَابِع عشرينه: ركب السُّلْطَان من القلعة يُرِيد النُّزُول بدار ابْن الْبَارِزِيّ على النّيل فَلم يطق حَرَكَة الْفرس لما بِهِ من الْأَلَم فَركب المحفة إِلَى الْبَحْر وَحمل مِنْهَا على الْأَعْنَاق حَتَّى وضع على فرَاشه وَنقل حرمه مَعَه وَنزل الْأُمَرَاء فِي عدَّة من دور النَّاس الَّتِي حوله وَصَارَت الطبلخاناه تدق هُنَاكَ وتمد الأسمطة وتعمل الْخدمَة على مَا جرت بِهِ الْعَادة فِي القلعة وَلم نعهد بِمصْر نَظِير هَذَا. وَفِي تَاسِع عشره: طلب صدر الدّين الْمُحْتَسب من الصالحية إِلَى بَيت ابْن الديري ليعزره فَسَار مَاشِيا وَمَعَهُ من الْعَامَّة خلائق لَا يُحْصى عَددهَا إِلَّا الَّذِي خلقهَا وَقد تعصبوا لَهُ وجهروا بسب من يعاديه ويعانده حَتَّى دخل إِلَى بَيت الديري فأدبه بِمَا اقْتَضَاهُ رَأْيه من غير إِقَامَة بَينه عَلَيْهِ. ثمَّ أفرج عَنهُ فَترك الحكم وَالنَّظَر فِي أَمر الْحِسْبَة إِلَى أَن خلع عَلَيْهِ فِي ثَالِث عشرينه بِبَيْت كَاتب السِّرّ بَين يَدي السُّلْطَان فسر النَّاس بِهِ سُرُورًا كَبِيرا. شهر رَجَب أَوله الثُّلَاثَاء: أهل وَالسُّلْطَان فِي بَيت ابْن الْبَارِزِيّ كَاتب السِّرّ وينتقل مِنْهُ وَهُوَ مَحْمُول على
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute