الأَرْض. ثمَّ قَامَ وَمَشى حَتَّى قبل الركاب فبكي السُّلْطَان من فرحه بِهِ وبكي النَّاس لبكائه فَكَانَت سَاعَة عَظِيمَة. ثمَّ سَارُوا بموكبيهما إِلَى الْمنزلَة من سرياقوس وباتا بهَا لَيْلَة الْخَمِيس تَاسِع عشرينه. وَتَقَدَّمت الآطلاب والأثقال وزين الدّين عبد الباسط بن خَلِيل بن إِبْرَاهِيم الدِّمَشْقِي نَاظر الخزانة. ودخلوا الْقَاهِرَة. وَركب السُّلْطَان آخر اللَّيْل وَرمي الطير بِالْبركَةِ. فَقدم الْخَبَر بكرَة يَوْم الْخَمِيس بوصول الْأَمِير تنبك ميق نَائِب الشَّام. وَكَانَ قد طلب فَوَافى ضحى فَركب فِي الموكب. وَدخل السُّلْطَان من بَاب النَّصْر وشق الْقَاهِرَة وَقد زينت والأمراء قد لبسوا التشاريف الجليلة. وأركبوا الْخُيُول المسومة بقماش الذَّهَب وَالْمقَام الصارمي بتشريف عَظِيم وَخَلفه الأسرى الَّذين أخذُوا من قلعة نكدة وَغَيرهَا فِي الأغلال والقيود وهم نَحْو الْمِائَتَيْنِ كلهم مشَاة إِلَّا أَرْبَعَة فَإِنَّهُم على خُيُول مِنْهُم نَائِب نكدة وَثَلَاثَة من أُمَرَاء ابْن قرمان وَكلهمْ فِي الْحَدِيد. وَمضى حَتَّى صعد القلعة فَكَانَ يَوْمًا مشهوداً أذن بِانْقِضَاء الْأَمر فَإِنَّهَا غَايَة لم ينلها أحد من مُلُوك مصر وَعند التناهي يقصر المتطلول. شهر شَوَّال أَوله السبت. فِيهِ صلى السُّلْطَان الْعِيد بِالْقصرِ لعَجزه عَن الْمُضِيّ إِلَى الْجَامِع من شدَّة ألم رجله وامتناعه من النهوض على قَدَمَيْهِ. وَصلى بِهِ وخطب قَاضِي الْقُضَاة جلال الدّين البُلْقِينِيّ على عَادَته ثمَّ أنْشد تَقِيّ الدّين أَبُو بكر بن حجَّة الْحَمَوِيّ - على عَادَته - قصيداً أبدع فِيهَا مَا شَاءَ. وَفِي ثالثه: خلع على الْأَمِير جقمق الدوادار وَاسْتقر فِي نِيَابَة الشَّام عوضا عَن الْأَمِير تنبك ميق. وخلع الْأَمِير مقبل الدوادار الثَّانِي وَاسْتقر دواداراً كَبِيرا عوضا عَن جقمق. وأنعم بإقطاع جقمق وإمرته على الْأَمِير تنبك ميق العلاي. وَفِي رَابِع عشره: خلع على الْأَمِير قطلوبغا التنمي أحد أُمَرَاء الألوف وَاسْتقر فِي نِيَابَة صفد عوضا عَن الْأَمِير مُرَاد خجا. ورسم بِنَفْي مُرَاد خجا إِلَى الْقُدس. وأنعم بإقطاع التنمي على الْأَمِير جلبان أَمِير أخور ثَانِي. وَفِي سَابِع عشره: رَحل الْأَمِير جقمق سائراً إِلَى دمشق بَعْدَمَا خَلفه كَاتب السِّرّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute