وَفِي يَوْم الْخَمِيس سَابِع عشره: قدم الْأَمِير قجق العيسوي حَاجِب الْحجاب والأمير بيبغا المظفري وَقد أفرج عَنْهُمَا من سجن الْإسْكَنْدَريَّة. وَقدم يشبك الساقي الْأَعْرَج وَكَانَ قد نَفَاهُ الْمُؤَيد من دمشق إِلَى مَكَّة. وَقد حضر إِلَيْهِ من حلب فِي حصاره الْأَمِير نوروز بحيلة دبرهَا عَلَيْهِ حَتَّى استنزله من قلعة حلب. فَلَمَّا ظفر بنوروز أَرَادَ قَتله فِيمَن قتل من أَصْحَابه فشفع فِيهِ الْأَمِير ططر فَأخْرجهُ إِلَى مَكَّة فَأَقَامَ بهَا سِنِين. ثمَّ نَقله إِلَى الْقُدس فَلم تطل إِقَامَته بهَا حَتَّى مَاتَ الْمُؤَيد وتحكم الْأَمِير ططر فاستدعاه. وَكَانَ لَهُ مُنْذُ خرج من الْقَاهِرَة نَحْو الْعشْرين سنة فَإِنَّهُ خرج فِي نوبَة بركَة الْحَبَش من سنة أَربع وثماني مائَة. وَفِيه أَيْضا قدم سودن الْأَعْرَج من قوص وَقد نفي إِلَيْهَا من سِنِين عديدة وَفِيه أفرج عَن الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد باك بن عَليّ باك بن قرمان وخلع عَلَيْهِ ورسم بتجهيزه ليعود إِلَى مَمْلَكَته. وأنعم عَلَيْهِ بِمَال وَثيَاب وخيول وَغير ذَلِك فَسَار فِي النّيل يَوْم السبت سادس عشرينه إِلَى جِهَة رشيد ليتوجه مِنْهَا. شهر ربيع الأول أَوله الْأَرْبَعَاء: فِيهِ ورد كتاب الْأَمِير الْكَبِير ألطنبغا القرمشي من حلب يتَضَمَّن أَنه لما قتل الْأَمِير يشبك نَائِب حلب ولي عوضه نِيَابَة حلب الْأَمِير ألطنبغا الصَّغِير وَأَنه عِنْد مَا ورد عَلَيْهِ خبر موت السُّلْطَان بعد مَا عهد بالسلطنة من بعده لِابْنِهِ وَأَن يكون الْقَائِم بِأُمُور الدولة ألطنبغا القرمشي وَأَنه قد أقيم فِي السلطنة الْملك المظفر كَمَا عهد أَخذ فِي الرحيل إِلَى مصر كَمَا رسم لَهُ بِهِ. فَكَانَ من أَمر يشبك مَا كَانَ فاشتغل عَن الْمسير. ثمَّ ورد عَلَيْهِ الْخَيْر باستقرار نواب المماليك الشامية على عوائدهم فِيمَا بِأَيْدِيهِم وتحليفهم للسُّلْطَان الْملك المظفر وللأمير الْكَبِير ططر فَحمل الْأَمر فِي ذَلِك على أَنه غلط من الْكَاتِب وسال أَن يفصح لَهُ عَن ذَلِك فَأُجِيب بِأَنَّهُ بعد مَا عهد الْمُؤَيد لِابْنِهِ وأقيم من بعده فِي السلطة طلب الْأُمَرَاء والخاصكية والمماليك السُّلْطَانِيَّة أَن يكون المتحدث فِي أُمُور الدولة كلهَا الْأَمِير ططر وَرَغبُوا إِلَيْهِ فِي ذَلِك ففوض إِلَيْهِ الْخَلِيفَة جَمِيع أُمُور المملكة مَا عدا اللقب السلطاني وَالْخطْبَة وَالسِّكَّة فليحضر الْأَمِير وَمن مَعَه ليكونوا على إمرياتهم. وَأنكر عَلَيْهِ اسْتِقْرَار ألطنبغا الصَّغِير فِي نِيَابَة حلب من غير اسْتِئْذَان.