للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقد قدم عقيل بن وبير الحسني من الْقَاهِرَة صحبتهم بعد مَا خلع عَلَيْهِ بهَا فِي شَوَّال وَاسْتقر أَمِير يَنْبع شَرِيكا لِعَمِّهِ مقبل بِمَال الْتزم للدولة فَلَمَّا علم مقبل بذلك نزح عَن يَنْبع إِلَى وَاد بِالْقربِ مِنْهَا. وَدخل الْحَاج إِلَى يَنْبع فِي ذِي الْقعدَة فَبعث أُمَرَاء الْحَاج الثَّلَاثَة وهم افتخار الدّين ياقوت أَمِير الْمحمل وأسندمر الأسعردي من أُمَرَاء العشرات أَمِير الركب الأول وجانبك أَمِير الركب الثَّانِي إِلَى الشريف مقبل حَتَّى يحضر إِلَيْهِم فجرت أُمُور آخرهَا أَن يسْتَقرّ عقيل شَرِيكا لَهُ كَمَا كَانَ أَبوهُ وبير وَأَن يُكَاتب السُّلْطَان بذلك. وَمهما ورد المرسوم بِهِ اعْتَمدهُ. ورحل الْحَاج من يَنْبع إِلَى مَكَّة وَقد وجهوا نجابا إِلَى السُّلْطَان بكتبهم وَتركُوا عقيلاً بينبع فاقتتل هُوَ وَعَمه فظفر بِهِ عَمه وَقَيده وَأقَام بينبع حَتَّى عَاد الْحَاج إِلَيْهَا فاستعد الْأَمِير جَانِبك - كَمَا قُلْنَا - وَركب فِي جمع من المماليك وَغَيرهم لَيْلَة الْأَحَد ثامن عشْرين ذِي الْحجَّة هَذَا وطرق مقبل على حِين غَفلَة فَكَانَت بَينه وَبَين مقبل وقْعَة قتل فِيهَا جمَاعَة من الْأَشْرَاف بني حسن وجرح كثير من العربان وَالْعَبِيد وَانْهَزَمَ مقبل فمدت المماليك أيديها وانتهبت مَا قدرت عَلَيْهِ وسلبت النِّسَاء الشريفات مَا عَلَيْهِنَّ وَسَاقُوا خَمْسمِائَة وَخمسين رجلا وَثَلَاثِينَ فرسا وأمتعة كَثِيرَة ومالا جزيلا وعادوا من يومهم إِلَى يَنْبع وَمَعَهُمْ عقيل قد خلصوه من الْأسر ورحلوا وَقد أَقَامَ عقيل بينبع أَمِيرا فَلم يكن إِلَّا لَيَال حَتَّى عَاد مقبل واحترب مَعَ عقيل فَانْهَزَمَ مقبل وَقتل بَينهمَا جمَاعَة كل ذَلِك بِسوء الطَّبْع والطمع فِي الْقَلِيل. وَفِي سَابِع عشرينه: قدم مبشرو الْحَاج وأخبروا بسلامة الْحجَّاج. وَفِي هَذَا الشَّهْر: اتّفقت نادرة فِيهَا عِبْرَة لِذَوي النَّهْي والأبصار وَهُوَ أَن رجلا من فُقَرَاء النَّاس الَّذين لَا يكادون يَجدونَ الْقُوت لَهُ امْرَأَة وَبَنَات مِنْهَا يسكنون بخرابات الحسينية ظَاهر الْقَاهِرَة فَلَمَّا كَانَ يَوْم عيد النَّحْر ذبح أَرْبَاب الْيَسَار ضحاياهم واشتووا لحومها فهاجت شهوات بَنَات هَذَا الرجل لأكل اللَّحْم وطلبن مِنْهُ فَلم يجد سَبِيلا إِلَى قَضَاء شهواتهن وَأخذ يعللهن وَهن يتصايحن وينتحبن بالبكاء وَقَلبه يتقطع عَلَيْهِنَّ حسرات طول نَهَار الْعِيد حَتَّى جنَّة اللَّيْل ورقدن. فَكَانَ يسمع فِي اللَّيْل حَرَكَة تتوالى طول ليلته وَهُوَ وَأم أَوْلَاده لشدَّة الْحزن قد ذهب نومهما حَتَّى أصبحا فَإِذا

<<  <  ج: ص:  >  >>