يَوْم إِلَى اثْنَي عشر ألف رَطْل من اللَّحْم برسم المماليك السُّلْطَانِيَّة ومطبخ السُّلْطَان وحريمه فحجر على باعة اللَّحْم أَن يزِيدُوا فِي سعره حَتَّى لَا يزْدَاد عَلَيْهِ مَا يقوم بِهِ فِي ثمن اللَّحْم واقتني أغناماً كَثِيرَة وَصَارَ يَشْتَرِيهَا بِمَا يُرِيد فَلَا تصل أثمانها إِلَى بَائِعهَا إِلَّا وَقد بخسوا فِيهَا كَمَا هِيَ عَادَتهم فِي بخس النَّاس أشياءهم فنفر تجار الْغنم وجلابتها من الْحُضُور بهَا إِلَى أسواقها خوفًا من الخسارة وَكَانَت أَرَاضِي مصر فِي السّنة الخالية محلا من قلَّة مَاء النّيل فِي أَوَانه وَسُرْعَة هُبُوطه حَتَّى شَرقَتْ الْأَرَاضِي إِلَّا قَلِيلا فَقلت المراعي ثمَّ ارْتَفع سعر الفول وَالشعِير فشحت الْأَنْفس بعلف الْبَهَائِم والأنعام خُصُوصا الفلاحون فَإِن أَحْوَالهم ساءت فهزلت من أجل هَذَا بَهِيمَة الْأَنْعَام من الْغنم وَالْبَقر والجاموس وَتعذر من نصف شهر رَمَضَان الْمَاضِي وجود لحم الضَّأْن وارتفع سعره من سَبْعَة دَرَاهِم للرطل إِلَى عشرَة دَرَاهِم وَنصف وَقلت الألبان والأجبان وَالسمن وَبَلغت أثماناً لم نعهد مثله فِي زمن الرّبيع وَاتفقَ مَعَ هَذَا كُله الْمَوْت الذريع فِي الجاموس حَتَّى فني معظمه وَوَقع الفناء أَيْضا فِي الأبقار وَمَاتَتْ أَيْضا الأغنام وحمير وخيل عير كَثِيرَة الْعدَد. وَفِي سادس عشرينه: نُودي بِإِبْطَال الْمُعَامَلَة بِالدَّنَانِيرِ الأفرنتية وَأَن يتعامل النَّاس بِالدَّنَانِيرِ الأشرفية وزنة الدِّينَار مِنْهُ زنة الدِّينَار الأفرنتي وألزم النَّاس بِحمْل مَا عِنْدهم من الأفرنتية إِلَى دَار الضَّرْب حَتَّى تسبك وتعمل دَنَانِير أشرفية وخلع على شرف الدّين أبي الطِّبّ مُحَمَّد بن تَاج الدّين عبد الْوَهَّاب بن نصر الله وَاسْتقر فِي نظر دَار الضَّرْب وَقد كَانَ بَاشر نظر وقف الْأَشْرَاف وَنظر كسْوَة الْكَعْبَة أحسن مُبَاشرَة بعفة وَأَمَانَة ونهضة. وَفِي نصف هَذَا الشَّهْر: ارْتَفع سعر الْقَمْح وَتجَاوز الأردب ثَلَاثمِائَة دِرْهَم وَقل وجود الدَّقِيق فِي الطواحين وَوُجُود الْخبز بالأسواق وشنع الْأَمر فِي تَاسِع عشرينه وازدحم النَّاس بالأفران فِي طلب الْخبز وتكالبوا على ابتياع الْقَمْح فشحت نفوس الْخزَّان بِهِ وأبيع الْقدح الفول بأَرْبعَة دَرَاهِم وَلِهَذَا أَسبَاب: أَحدهَا أَن الْبَدْر مَحْمُود العنتابي كَانَ أَيَّام حسبته يلين للباعة حَتَّى كَأَنَّهُ لَا حجر عَلَيْهِم فِيمَا يفعلوه وَلَا مَا يبيعوا بضائعهم بِهِ من الْأَثْمَان فَلَمَّا ولي الششماني أرهب الباعة وردعهم بِالضَّرْبِ المبرح فكادوه وَترك عدَّة مِنْهُم مَا كَانَ يعانيه من البيع وَاتفقَ فِي هَذِه الْأَيَّام هلك كثير من الجاموس وَالْبَقر بِحَيْثُ أَن رجلا كَانَ عِنْده مائَة وَخَمْسُونَ جاموسة فَهَلَكت بأجمعها وَلم يبْق مِنْهَا سوى أَربع جاموسات وَمَا نَدْرِي مَا يتَّفق لَهَا فَقلت الألبان والأجبان وَالسمن. ثمَّ هبت فِي نصف هَذَا الشَّهْر ريَاح مريسية وتوالت أَيَّامًا تزيد على عشرَة لم تستطع المراكب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute