للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

هَذَا وَضعف حَال متملك الْيمن وَصَارَ نظر جدة وَظِيفَة سلطانية يخلع على متوليها وَيتَوَجَّهُ فِي كل سنة إِلَى مَكَّة فِي أَوَان وُرُود مراكب الْهِنْد إِلَى جدة وَيَأْخُذ مَا على التُّجَّار ويحضر إِلَى الْقَاهِرَة بِهِ وَبلغ مَا حمل إِلَى الخزانة من ذَلِك زِيَادَة على سبعين ألف دِينَار سوى مَا لم يحمل فجَاء للنَّاس مَا لَا عهد لَهُم بِمثلِهِ فَإِن الْعَادة لم تزل من قديم الدَّهْر فِي الْجَاهِلِيَّة وَالْإِسْلَام أَن الْمُلُوك تحمل الْأَمْوَال الجزيلة إِلَى مَكَّة لتفرق فِي أَشْرَافهَا ومجاوريها فانعكست الْحَقَائِق وَصَارَ المَال يحمل من مَكَّة وَيلْزم أَشْرَافهَا بِحمْلِهِ وَمَعَ ذَلِك فَمنع التُّجَّار أَن يَسِيرُوا فِي الأَرْض يَبْتَغُونَ من فضل الله وكلفوا أَن يَأْتُوا إِلَى الْقَاهِرَة حَتَّى تُؤْخَذ مِنْهُم المكوس على أَمْوَالهم وَأَنِّي لأذكر أَن الْملك الْمُؤَيد شَيخا نظره مرّة فِي أَيَّام قدوم الْحَاج فَرَأى من أَعلَى قلعة الْجَبَل خياماً مَضْرُوبَة بالريدانية خَارج الْقَاهِرَة فَسَأَلَ عَنْهَا فَقيل عَنْهَا فَقيل لَهُ إِن الْعَادة أَن ينصب نَاظر الْخَاص عِنْد قدوم الْحَاج خياماً هُنَاكَ ليجلس فِيهَا مباشرو الْخَاص وأعوانه حَتَّى يَأْخُذُوا مكس مَا مَعَهم من البضائع فَقَالَ: وَالله إِنَّه لقبيح أَن يُعَامل الْحَاج عِنْد قدومه بِهَذَا واستدعى بعض أَعْيَان الخاصكية وَأمره أَن يركب ويسوق حَتَّى يَأْتِي تِلْكَ الْخيام ويهدمها على رُءُوس من فِيهَا ويضربهم حَتَّى يحملوها وينصرفوا فَفعل ذَلِك وَلم يتَعَرَّض أحد فِي تِلْكَ السّنة للحجاج وَكَانَ نَاظر الْخَاص إِذْ ذَاك الصاحب بدر الدّين حسن نصر الله ولعمري لقد سَمِعت عَجَائِز أهلنا وَأَنا صَغِير يقلن انه ليَأْتِي على النَّاس زمَان يترحمون فِيهِ على فِرْعَوْن فبرغمي إِن مضين وخلفت حَتَّى أدْركْت وُقُوع مَا أنذرنا بِهِ قبل وَللَّه عَاقِبَة الْأُمُور. شهر صفر أَوله الْأَرْبَعَاء: فِي نصفه: جع السُّلْطَان الْأُمَرَاء والقضاة وَكَثِيرًا من التُّجَّار وتحدث فِي إبِْطَال الْمُعَامَلَة بِالذَّهَب المشخص الَّذِي يُقَال لَهُ الأفرنتي وهومن ضروب الفرنج وَعَلِيهِ شعار كفرهم الَّذِي لَا تجيزه الشَّرِيعَة المحمدية. وَهَذَا الأفرنتي كَمَا تقدم ذكره قد غلب فِي زمننا من حُدُود سنة ثَمَانمِائَة على أَكثر مَدَائِن الدُّنْيَا من الْقَاهِرَة ومصر وَجَمِيع أرص الشَّام وَعَامة بِلَاد الرّوم والحجاز واليمن حَتَّى صدر النَّقْد الرابح فصوب من حضر رَأْي السُّلْطَان فِي إِبْطَاله وان يُعَاد سبكه بدار الضَّرْب ثمَّ يضْرب على السِّكَّة الإسلامية فَطلب من الْغَد صياغ دَار الضَّرْب وَشرع فِي سبك مَا عِنْده من الدَّنَانِير الإفريقية. وَفِي هَذَا الشَّهْر: عز وجود الْخبز فِي الْأَسْوَاق أَحْيَانًا مَعَ كَثْرَة الغلال وَقلة طالبيها. وفقد اللَّحْم أَيْضا عدَّة أَيَّام من قلَّة جلب الأغنام وَسبب ذَلِك أَن الْوَزير يحْتَاج فِي كل

<<  <  ج: ص:  >  >>