للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِيه أَيْضا اتّفق حَادث فظيع وَهُوَ أَن بعض المماليك السُّلْطَانِيَّة الجراكسة انْكَشَفَ رَأسه بَين يَدي السُّلْطَان فَإِذا هُوَ أَقرع فَسخرَ مِنْهُ من هُنَالك من الجراكسة فَسَأَلَ السُّلْطَان أَن يَجعله كَبِير القرعان ويوليه عَلَيْهِم فَأَجَابَهُ إِلَى ذَلِك ورسم أَن يكْتب لَهُ بِهِ مرسوم سلطاني وخلع عَلَيْهِ فَنزل وشق الْقَاهِرَة بالخلعة فِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سَابِع عشرينه وَصَارَ يَأْمر كل أحد بكشف رَأسه حَتَّى ينظر إِن كَانَ أَقرع الرَّأْس أَو لَا وَجعل على ذَلِك فَرَائض من المَال فعلى الْيَهُودِيّ مبلغ عينه وعَلى النَّصْرَانِي مبلغ وعَلى الْمُسلم مبلغ بِحَسب حَاله ورتبته وَلم يتحاش من فعل ذَلِك مَعَ أحد حَتَّى لقد فرض على الْأَمِير الْأَقْرَع عشرَة دَنَانِير وَتجَاوز حَتَّى جعل الأصلع وَالْأَجْلَح فِي حكم الْأَقْرَع ليجبيه مَالا فَكَانَ هَذَا من شنائع القبائح وقبائح الشنائع فَلَمَّا فحش أمره نُودي بِالْقَاهِرَةِ يَا معشر القرعان لكم الْأمان فَكَانَت هَذِه مِمَّا ينْدر من الْحَوَادِث. وَفِي هَذَا الشَّهْر: كثر رخاء الأسعار حَتَّى أبيع كل أَرْبَعَة أردب شعير بِدِينَار وَفِي الرِّيف كل خَمْسَة أرادب بِدِينَار وأبيع الفول كل ثَلَاثَة أرادب بِأَقَلّ من دِينَار وأبيع الْقَمْح كل أردبين بِأَقَلّ من دِينَار وَأَقْبَلت الْفَوَاكِه إقبالاً زَائِدا على الْمَعْهُود فِي هَذِه الْأَزْمِنَة وَكَثُرت الخضروات وَللَّه الْحَمد. ونسأل الله حسن الْعَاقِبَة. فَإنَّك مَعَ هَذِه النعم الْكَبِيرَة لَا تكَاد تَجِد إِلَّا شاكياً لقلَّة المكاسب وَتوقف الْأَحْوَال وفشو الظُّلم والإعراض عَن الْعَمَل بِطَاعَة الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى سِيمَا من يُقيم الْحُدُود. شهر رَمَضَان أَوله الْخَمِيس: فِيهِ فتح الْجَامِع الَّذِي أنشأه الْأَمِير جَانِبك الدوادار قَرِيبا من صليبة جَامع ابْن طولون وأقيمت وَفِي سَابِع عشره: قدم زين الدّين عبد الباسط نَاظر الْجَيْش بعد مَا انْتهى فِي سَفَره إِلَى مَدِينَة حلب ورتب عمَارَة سورها فَعمل بِهِ بَين يَدَيْهِ فِي يَوْم وَاحِد ألف وَمِائَتَا حجر وَبعد صيته وانتشر ذكره وَعظم قدره وفخم أمره فِي هَذِه السفرة بِحَيْثُ لم ندرك فِي هَذِه الدولة الْمُتَأَخِّرَة صَاحب قلم بلغ مبلغه. فَلَمَّا نزل ظَاهر الْقَاهِرَة خرج الْأَمِير جَانِبك الدوادار وَطَائِفَة من الْأُمَرَاء وَسَائِر مباشري الدولة وَعَامة الْأَعْيَان إِلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>