وفيهَا مِائَتَا فرس وحلي مَا بَين زركش ولؤلؤ برسم النِّسَاء وَثيَاب صوف وفرو سمور وَغَيره مِمَّا قِيمَته نَحْو الْعشْرين ألف دِينَار وَعم المباشرين والأمراء بأنواع الْهَدَايَا. وَفِي يَوْم الِاثْنَيْنِ سادس عشرينه - وسابع عشْرين أبيب -: نُودي على النّيل بزياداً إِصْبَع وَاحِد لتتمة عشر أَذْرع وَتِسْعَة عشر إصبعاً فنقص من الْغَد أَرْبَعَة أَصَابِع إِلَّا أَن الله تدارك الْعباد شهر شَوَّال أَوله السبت: فِي أثْنَاء هَذَا الشَّهْر قدم الْخَبَر بِأَن مُرَاد بن مُحَمَّد كرشجي بن بايزيد بن عُثْمَان صَاحب برصا من بِلَاد الرّوم جمع لمحاربة الأنكرس - من طوائف الرّوم المتنصرة - وواقعهم عدَّة من عسكره وهزموا وَأَن مَدِينَة بلنسية الَّتِي تغلب عَلَيْهَا الفرنج - مِمَّا غلبوا عَلَيْهِ من بِلَاد الأندلس - خسف بهَا وَبِمَا حولهَا نَحْو ثَلَاثمِائَة ميل فَهَلَك بهَا من النَّصَارَى خلائق كَثِيرَة وَأَن مَدِينَة برشلونة زلزلت زلزالاً شَدِيدا وَنزلت بهَا صَاعِقَة فَهَلَك بهَا أُمَم كَثِيرَة وَخرج ملكهَا فِيمَن بَقِي فارين إِلَى ظَاهرهَا موقع بهم وباء كَبِير. وَفِي يَوْم الْخَمِيس عشرينه: خرج محمل الْحَاج إِلَى الريدانية ظَاهر الْقَاهِرَة وَرفع مِنْهَا لَيْلًا إِلَى بركَة الْحَاج على الْعَادة فتتابع خُرُوج الْحجَّاج. وَفِي يَوْم الْجُمُعَة حادي عشرينه - الْمُوَافق لَهُ ثَانِي مسرى -: كَانَ وَفَاء النّيل سِتَّة عشر ذِرَاعا فَركب الْأَمِير نَاصِر الدّين مُحَمَّد ابْن السُّلْطَان حَتَّى خلق عَمُود بَين يَدَيْهِ ثمَّ فتح الخليج على الْعَادة وَلم تزين الحراريق فِي هَذِه السّنة وَلَا كَانَ للنَّاس من الاجتماعات بمدينه مصر وَالرَّوْضَة على شاطئ النّيل مَا جرت بِهِ عَادَتهم فِي ليَالِي الْوَفَاء وَذَلِكَ أَن النّيل توقفت زِيَادَته من أَوَائِل مسرى وَأقَام أَيَّامًا عديدة لَا يُنَادي عَلَيْهِ فِي كل يَوْم سوى إِصْبَع أَو إِصْبَعَيْنِ وأجرى الله الْعَادة فِي الْغَالِب من السنين أَن تكون زِيَادَة النّيل الْمُبَارك مُنْذُ يدْخل شهر مسرى فِي كل يَوْم عدَّة أَصَابِع فَيُقَال: فِي أبيب يدب المَاء فِي دَبِيب وَفِي مسرى تكون الدفوع الْكُبْرَى. فجَاء الْأَمر فِي نيل هَذِه السّنة بِخِلَاف ذَلِك حَتَّى ظن النَّاس الظنون وَتوقف خزان الغلال عَن بيعهَا وَأخذ غَالب النَّاس فِي شِرَاء الغلال خوفًا من أَلا يطلع النّيل فَمنع السُّلْطَان من تَزْيِين الحراريق وَمن اجْتِمَاع النَّاس بشاطئ النّيل لانتظار الْوَفَاء فانكف عَن مُنكرَات قبيحة كَانَت تكون هُنَاكَ وَللَّه الْحَمد فَإِنَّهُ تَعَالَى أغاث عباده وأجرى النّيل بعد مَا كَادُوا يقنطوا. وَفِي هَذَا الشَّهْر - وَالَّذِي قبله -: كثر عَبث المماليك الجلب الَّذين استجدهم السُّلْطَان وتعدى فسادهم إِلَى الْحرم. وَهَذَا أَمر لَهُ مَا بعده.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute