هُنَاكَ وَأَن تسد أَبْوَاب الْمَسْجِد بعد انْقِضَاء الْمَوْسِم إِلَّا أَرْبَعَة أَبْوَاب من كل جِهَة بَاب وَاحِد وَأَن تسد الْأَبْوَاب الشارعة من الْبيُوت إِلَى سطح الْمَسْجِد فامتثل ذَلِك وأشبه هَذَا قَول عبد الله بن عمر رَضِي الله عَنهُ وَقد سَأَلَهُ رجل عَن دم البراغيث فَقَالَ: عجبا لكم يَا أهل الْعرَاق تقتلون الْحُسَيْن بن عَليّ وتسألون عَن دم البراغيث. وَذَلِكَ أَن مَكَّة اسْتَقَرَّتْ دَار مكس حَتَّى أَنه يَوْم عَرَفَة قَامَ المشاعلي وَالنَّاس بذلك الْموقف الْعَظِيم يسْأَلُون الله مغْفرَة ذنوبهم فَنَادَى معاشر النَّاس كَافَّة من اشْترى بضَاعَة وسافر بهَا إِلَى غير الْقَاهِرَة حل دَمه وَمَاله للسُّلْطَان فَأخر التُّجَّار القادمون من الأقطار حَتَّى سَارُوا مَعَ الركب الْمصْرِيّ على مَا جرت بِهِ هَذِه الْعَادة المستجدة مُنْذُ سِنِين لتؤخذ مِنْهُم مكوس بضائعهم ثمَّ إِذا سَارُوا من الْقَاهِرَة إِلَى بِلَادهمْ من الْبَصْرَة والكوفة وَالْعراق أَخذ مِنْهُم المكس بِبِلَاد الشَّام وَغَيرهَا. وَهَذَا لينكر وَتلك الْأُمُور يعتني بإنكارها وَيسْعَى أهل الْبِلَاد فِي إِزَالَتهَا فيا نفس جدي إِن دهرك هازل. وَلَقَد كَانَ السَّبَب فِي كِتَابَة هَذَا المرسوم أَن رجلا من الْعَجم يظْهر للنَّاس النّسك ولأمراء الدولة فِيهِ اعْتِقَاد أَمرهم بذلك فأتمروا. وَقد أذكرني هَذَا مَا كتب بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ عُثْمَان بن عَفَّان رَضِي الله عَنهُ لما ولي الْخلَافَة: أما بعد فَإِنَّكُم بَلغْتُمْ بالإقتداء والإتباع فَلَا تلفتنكم الدُّنْيَا عَن أَمركُم فَإِن أَمر هَذِه الْأمة صائر إِلَى الابتداع بعد اجْتِمَاع ثَلَاث فِيكُم تَكَامل النعم وبلوغ أَوْلَادكُم من السبايا وَقِرَاءَة الْأَعَاجِم والأعراب الْقُرْآن. فَإِن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ: الْكفْر فِي العجمة فَإِذا استعجم عَلَيْهِم أَمر تكلفوا وابتدعوا. وَلم يعرف قطّ أَن أَبْوَاب الْمَسْجِد الْحَرَام أغلقت إِلَّا فِي هَذِه الْحَادِثَة فَإِنَّهَا أَقَامَت مُدَّة أشهر مغلقة ضج النَّاس وفتحوا جَمِيع أَبْوَاب الْمَسْجِد على عَادَتهَا وَاسْتمرّ الْمَنْع فِي بَقِيَّة مَا رسم وَقدم من الْهِنْد إِلَى مَكَّة رسولان أَحدهمَا من صَاحب كلبرجه واسْمه مَحْمُود وَاسم رَسُوله شمس الدّين الغالي بغا وصحبته هَدِيَّة لأمير مَكَّة وهدية السُّلْطَان ومبلغ سِتَّة آلَاف دِينَار ليَشْتَرِي بِهِ دَارا عَن الصَّفَا وتعمر مدرسة وَالرَّسُول الآخر من صَاحب بنكالة بهدية للسُّلْطَان وهدية للخليفة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute