وَقدم كتاب مُرَاد بن عُثْمَان صَاحب برصا بِأَنَّهُ هادن الفرنح ثَلَاث سِنِين. وَقدم كتاب قرا يلك يسْأَل الْعَفو عَن وَلَده هابيل وإطلاقه. وَفِي حادي عشرينه: قبض على الْأَمِير زين الدّين عبد الْقَادِر بن أبي الْفرج وَكثير من إِلْزَامه وسلموا إِلَى الْأَمِير أقبغا أستادار ثمَّ أفرج عَنهُ فِي رَابِع عشرينه على مَال يحملهُ. وَفِي سادس عشرينه: حضر تجار الْإسْكَنْدَريَّة وَقد طلبُوا مِنْهَا فأوقفوا بَين يَدي السُّلْطَان وألزموا جَمِيعهم أَن لَا يبع أحد مِنْهُم شَيْئا من أَصْنَاف البضائع الَّتِي تجلب من الْهِنْد كالفلفل وَنَحْوه لأحد من التُّجَّار الفرنج وهددوا على ذَلِك. وَسبب هَذَا أَن السُّلْطَان أَقَامَ طَائِفَة تشتري لَهُ البضائع وتبيعها فَإِذا أخذت بجدة المكوس من التُّجَّار الَّتِي ترد من الْهِنْد حملت فلفلاً وَغَيره فِي بَحر القلزم من جدة إِلَى الطّور ثمَّ حملت من الطّور إِلَى مصر ثمَّ نقلت فِي النّيل إِلَى الْإسْكَنْدَريَّة وألزم الفرنج بشرَاء الْحمل من الفلفل بِمِائَة وَثَلَاثِينَ دِينَارا. هَذَا وسعره بِالْقَاهِرَةِ خَمْسُونَ دِينَارا. فَبلغ السُّلْطَان أَن بعض التُّجَّار سَأَلَ الفرنج بالإسكندرية أَن يبتاعوا مِنْهُ الْحمل بأَرْبعَة وَسِتِّينَ دِينَارا فَأَبَوا أَن يأخذوه إِلَّا بِتِسْعَة وَخمسين فَأحب السُّلْطَان عِنْد ذَلِك الزِّيَادَة فِي الْفَوَائِد وَأَن يَأْخُذ مَا عِنْد التُّجَّار من الفلفل بِسعْر مَا دفع لَهُم فِيهِ الفرنج ليَبِيعهُ هُوَ على الفرنج. مِمَّا تقدم ذكره فَمَنعهُمْ من يبيعهم على الفرنج ليبور عِنْدهم فَيَأْخذهُ حِينَئِذٍ مِنْهُم بِمَا يُرِيد. وَفِيه أَيْضا طلب الْأَمِير أقبغا الأستادار الباعة بِالْقَاهِرَةِ ومصر لِيطْرَح عَلَيْهِم السكر فأغلقوا الحوانيت وفروا مِنْهُ فأعيا النَّاس شِرَاء الْأَدْوِيَة للمرضى وَلم يكادوا أَن يَجدوا مَا يعللوهم بِهِ. وَفِي هَذَا الشَّهْر: شنع الموتان الْوَحْي السَّرِيع بالطاعون والنزلات الَّتِي تنحدر من الدِّمَاغ إِلَى الصَّدْر فَيَمُوت الْإِنْسَان فِي أقل من سَاعَة بِغَيْر تقدم مرض. وَكَانَ أَكثر فِي الْأَطْفَال والشباب ثمَّ فِي العبيد وَالْإِمَاء وَأقله فِي النِّسَاء وَالرِّجَال. وَتجَاوز فِي مَدِينَة مصر الْفسْطَاط الْمِائَتَيْنِ فِي كل يَوْم سوى من لم يرد الدِّيوَان. وَتجَاوز فِي الْقَاهِرَة الثلاثمائة سوى من لم يرد الدِّيوَان. وَضبط من صلى عَلَيْهِ فِي مصليات الْجَنَائِز فبلغت عدتهمْ تزيد على مَا أوردوه فِي ديوَان الْمَوَارِيث زِيَادَة كَثِيرَة. وَبَلغت عدَّة من مَاتَ بالنحريرية - خَاصَّة - إِلَى هَذَا الْوَقْت تِسْعَة آلَاف سوى من لم يعرف وهم كثر جدا. وَبَلغت عدَّة الْأَمْوَات بالإسكندرية فِي كل يَوْم نَحْو الْمِائَة. وَشَمل الوباء عَامَّة الْبحيرَة الغربية والقليوبية.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute