دَاوُد على الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب وتحدث فِي قَتله فَلَمَّا نزلا بلبيس سكر الْملك النَّاصِر وَمضى إِلَى الْعَادِل وَقَالَ لَهُ: كَيفَ رَأَيْت مَا أَشرت بِهِ عَلَيْك وَلم تقبل مني فَقَالَ لَهُ الْعَادِل: يَا خوندا التَّوْبَة فَقَالَ النَّاصِر: طيب قَلْبك السَّاعَة أطلقك ثمَّ جَاءَ النَّاصِر وَدخل على الْملك الصَّالح ووقف فَقَالَ لَهُ الصَّالح: بِسم الله اجْلِسْ قَالَ: مَا أَجْلِس حَتَّى تطلق الْعَادِل فَقَالَ لَهُ: أعد وَهُوَ يُكَرر الحَدِيث فَمَا زَالَ بِهِ حَتَّى نَام فَقَامَ من فوره الْملك الصَّالح وَسَار فِي اللَّيْل وَمَعَهُ الْعَادِل فِي محفة وَدخل بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة وَاسْتولى على قلعة الْجَبَل يَوْم الْجُمُعَة ثَالِث عشري شَوَّال بِغَيْر تَعب وَجلسَ الْملك الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب على سَرِير الْملك واعتقل الْعَادِل بِبَعْض دوره واستحلف الْأُمَرَاء وزينت الْقَاهِرَة ومصر وظواهرهما وقلعة الْجَبَل زِينَة عَظِيمَة وسر النَّاس بِهِ سُرُورًا كثيرا لنجابته وشهامته وَنزل النَّاصِر دَاوُد بدار الوزارة من الْقَاهِرَة وَلم يركب الْملك الصَّالح يَوْم عيد النَّحْر لما بلغه من خلف الْعَسْكَر. وَفِي ذِي الْحجَّة: أحضر الْملك الصَّالح إِلَيْهِ الْملك الْعَادِل وَسَأَلَهُ عَن أَشْيَاء ثمَّ كشف بَيت المَال والخزانة السُّلْطَانِيَّة فَلم يجد سوى دِينَار وَاحِد وَألف دِرْهَم. وَقيل لَهُ عَمَّا أتْلفه أَخُوهُ فَطلب الْقُضَاة والأمراء الَّذين قَامُوا فِي الْقَبْض على أَخِيه وَقَالَ لَهُم: لأي شَيْء قبضتم على سلطانكم فَقَالُوا: لِأَنَّهُ كَانَ سَفِيها فَقَالَ: يَا قُضَاة السَّفِيه يجوز تصرفه فِي بَيت مَال الْمُسلمين قَالُوا: لَا قَالَ: أقسم بِاللَّه مَتى لم تحصروا مَا أَخَذْتُم من المَال كَانَت أرواحكم عوضه. فَخَرجُوا وأحضروا إِلَيْهِ سَبْعمِائة ألف وَخَمْسَة وَثَمَانِينَ ألف دِينَار وَألْفي ألف وثلاثمائة ألف دِرْهَم ثمَّ أمهلهم قَلِيلا وَقبض عَلَيْهِم وَاحِد بعد وَاحِد واستدعى الْملك الصَّالح بِالْقَاضِي شهَاب الدّين إِبْرَاهِيم بن عبد الله بن عبد الْمُنعم بن عَليّ بن مُحَمَّد الْمَعْرُوف بِابْن أبي الدَّم - وَكَانَ بِمصْر مُنْذُ قَامَ من عِنْد المظفر صَاحب حماة وَبعث بِهِ مكرماً إِلَى حماة وخلع عَليّ ابْن الْجَوْزِيّ رَسُول الْخَلِيفَة وَكتب مَعَه إِلَى الدِّيوَان الْعَزِيز يشكو مِنْهُ وَكَانَت الْخلْع الخليفتية قد وصلت إِلَى الْقَاهِرَة فلبسهما الْملك الصَّالح وَنصب منبراً صعد عَلَيْهِ ابْن الْجَوْزِيّ وَقَرَأَ تَقْلِيد الْملك الصَّالح وَالْملك الصَّالح قَائِم بَين يَدي الْمِنْبَر على قَدَمَيْهِ حَتَّى فرغ من قراعته وشيع الْملك الصَّالح أَيْضا الصاحب كَمَال الدّين بن العديم رَسُول حلب وتخوف السُّلْطَان من النَّاصِر دَاوُد لِكَثْرَة مَا بلغه عَنهُ من اجتماعه بالأمراء سرا وَلِأَنَّهُ سَأَلَهُ أَن يُعْطه قلعة الشوبك فَامْتنعَ السُّلْطَان من ذَلِك واستوحش النَّاصِر فَطلب الْأذن بالرحيل إِلَى الكرك فَخرج من الْقَاهِرَة وَهُوَ متغيظ وَقد بلغه أَن الصَّالح إِسْمَاعِيل خرج من دمشق وَوَافَقَ الفرنج على أَن يسلمهم السَّاحِل وَوصل الفرنج إِلَى النابلس وَتَأَول
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute