وفيهَا عينت تجريدة فِي النّيل لتركب بَحر الْملح من دمياط وتجول فِيمَا هُنَالك عَسى تنكف عَادِية الفرنج ويقل عبثهم وفسادهم. وَفِي ثَانِي عشرينه: دخل الْأَمِير قرقماس إِلَى حلب. فَمَا كَاد أَن يسْتَقرّ بهَا حَتَّى ورد الْخَيْر بوقعة كَانَت بَين الْأَمِير أينال الأجرود نَائِب الرها وَبَين أَصْحَاب قرا يلك انهزم فِيهَا. فَأخذ فِي أهبة السّفر إِلَى الرها. وَفِي هَذَا الشَّهْر: تناقص الوباء بِمَكَّة. شهر شَوَّال أَوله الِاثْنَيْنِ: وأتفق فِي الْهلَال مَا لم يذكر مثله وَهُوَ أَن أَرْبَاب تَقْوِيم الْكَوَاكِب اقْتضى حسابهم أَن هِلَال شهر رَمَضَان فِي لَيْلَة السبت يكون مَعَ جرم الشَّمْس فَلَا يُمكن رُؤْيَته. فَلَمَّا غربت الشَّمْس ترَاءى السُّلْطَان بمماليكه من فَوق القلعة الْهلَال وتراءاه النَّاس من أَعلَى الموادن والأسطحة بِالْقَاهِرَةِ ومصر وَمَا بَينهمَا وَمَا خرج عَنْهُمَا وهم ميون أُلُوف فَلم ير أحد مِنْهُم الْهلَال فَانْفَضُّوا وَقد أظلم اللَّيْل. وَإِذا بِرَجُل مِمَّن يتكسب فِي حوانيت الشُّهُود بتحمل الشَّهَادَة جَاءَ إِلَى قَاضِي الْقُضَاة الشَّافِعِي وَشهد بِأَنَّهُ رأى الْهلَال فَأمر أَن يرفع للسُّلْطَان. فَلَمَّا مثل بَين يَدَيْهِ ثَبت وصمم على رُؤْيَته الْهلَال. وَكَانَ حنبلياً وَهُوَ من أقَارِب نديم السُّلْطَان ولي الدّين بن قَاسم فَبَالغ فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ عِنْد السُّلْطَان فَأمر بِإِثْبَات الْهلَال فَأثْبت بعض نواب قَاضِي الْقُضَاة الْحَنْبَلِيّ بشاهدة هَذَا الشَّاهِد أول رَمَضَان وَنُودِيَ فِي اللَّيْل بِصَوْم النَّاس من الْغَد بِأَنَّهُ من رَمَضَان. فاصبح النَّاس صَائِمين وألسنتهم تلهج بالوقيعة فِي الْقُضَاة وَالشُّهُود وتمادوا على ذَلِك فتوالت الْكتب من جَمِيع أَرض مصر قبليها وبحريها وَمن الْبِلَاد الشامية وَغَيرهَا. بِأَنَّهُم تراءوا الْهلَال لَيْلَة السبت فَلم يروه وَأَنَّهُمْ صَامُوا يَوْم الْأَحَد. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الِاثْنَيْنِ الَّتِي يزْعم النَّاس أَنَّهَا أول لَيْلَة من شَوَّال ترَاءى النَّاس الْهلَال من القلعة وبالقاهرة ومصر وَمَا بَينهمَا وحولهما فَلم يزوره فجَاء بعض نواب الْقُضَاة وَزعم أَنه رَآهُ وَأَنه شهد عِنْده بِرُؤْيَتِهِ من أَثبت بِشَهَادَتِهِ أَن هِلَال شَوَّال غَدا يَوْم الِاثْنَيْنِ فَكَانَت حَادِثَة لم ندرك قبلهَا مثلهَا وَهِي أَن الْهلَال بعد الْكَمَال عدَّة ثَلَاثِينَ يَوْمًا لَا يرَاهُ الجم الْغَفِير الَّذِي لَا يُحْصى عَددهمْ إِلَّا خالقهم مَعَ توفر دواعيهم على أَن يروه وَقد خلت السَّمَاء من الْغَيْم. وَجَرت الْعَادة باً ن يتساوى النَّاس فِي رُؤْيَته وَأوجب ذَلِك تزايد الوقيعة فِي الْقَضَاء بل وَفِي سَائِر الْفُقَهَاء حَتَّى لقد أَنْشدني بَعضهم لمحمود الْوراق:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute