للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يجوزون عَن بندر عدن حَتَّى يرسوا بساحل جدة كَمَا تقدم فأقفرت عدن من التُّجَّار واتضع حَال مَلِك الْيمن لقلَّة متحصله. وَصَارَت جدة هِيَ بندر التُّجَّار وَيحصل لسلطان مصر من عشور التُّجَّار مَال كَبِير. وَصَارَ نظر جدة وَظِيفَة سلطانية فَإِنَّهُ يُؤْخَذ من التُّجَّار الواردين من الْهِنْد عشور بضائعهم. وَيُؤْخَذ مَعَ العشور رسوم تقررت للنَّاظِر والشاد وشهود القبان والصيرفي وَنَحْو ذَلِك من الأعوان وَغَيرهم. وَصَارَ يحمل من قبل سُلْطَان مصر مرجان ونحاس ويخر ذَلِك مِمَّا يحمل من الْأَصْنَاف إِلَى بِلَاد الْهِنْد فيطرح على التُّجَّار. وتشبه بِهِ فِي ذَلِك غير وَاحِد من أهل الدولة. فَضَاقَ التُّجَّار بذلك ذرعاً وَنزل جمَاعَة مِنْهُم فِي السّنة الْمَاضِيَة إِلَى عدن فتنكر السُّلْطَان بِمصْر عَلَيْهِم لما فَاتَهُ من أَخذ عشورهم وَجعل عقوبتهم أَن من اشْترى بضَاعَة من عدن وَجَاء بهَا إِلَى جدة إِن كَانَ من الشاميين أَو المصريين أَن يُضَاعف عَلَيْهِ الْعشْر بعُشرَيْن وَإِن كَانَ من أهل الْيمن أَن تُؤْخَذ بضاعته بأسرها. فَمن لطف الله تَعَالَى بعباده أَنه لم يعْمل بِشَيْء من هَذَا الْحَادِث لَكِن قُرِئت هَذِه المراسيم تجاه الْحجر الْأسود فراجع الشريف بَرَكَات ابْن عجلَان أَمِير مَكَّة فِي أمرهَا للسُّلْطَان حَتَّى عَفا عَن التُّجَّار وأبطل مَا رسم بِهِ. وَكَانَت الْعَادة الَّتِي أدركناها أَن الْحرم يَلِي نظره فاضي مَكَّة الشَّافِعِي فبذل بعض التُّجَّار الْعَجم المجاورين بِمَكَّة - وَهُوَ دَاوُد الكيلاني - مَالا للسُّلْطَان حَتَّى ولاه نظر الْحرم وعزل عَنهُ أَبَا السعادات جلال الدّين مُحَمَّد بن ظهيرة قَاضِي مَكَّة فِي السّنة الْمَاضِيَة. فَلَمَّا قدم مَكَّة وقُرئ توقيعه تجاه الْحجر الْأسود على الْعَادة أنكرهُ الشريف بَرَكَات وراجع السُّلْطَان فِي كِتَابه إِلَيْهِ بِأَن الففراء وَغَيرهم من أهل الْحرم لم يرْضوا بِولَايَة دَاوُد وَأَنه مَنعه من التحدث وَأقَام سودن المحمدي المجهز لعمارة الْحرم يتحدث فِي النّظر حَتَّى يرد مَا يعْتَمد عَلَيْهِ فَكتب لسودن المحمدي فِي التحدث فِي نظر الْحرم فباشر ذَلِك. وَفِي يَوْم الْخَمِيس ثَالِث عشره: ثارت مماليك السُّلْطَان سكان الطباق بقلعة الْجَبَل وطلبوا الْقَبْض على المباشرين بِسَبَب تَأَخّر جوامكهم فِي الدِّيوَان الْمُفْرد ففر المباشرون مِنْهُم ونزلوا من القلعة إِلَى بُيُوتهم بِالْقَاهِرَةِ فَنزل جمع كَبِير من المماليك إِلَى الْقَاهِرَة ومضوا إِلَى بَيت القَاضِي زين الدّين عبد الباسط نَاظر الْجَيْش وَهُوَ يَوْمئِذٍ عَظِيم الدولة وَصَاحب حلِّها وعقدها فنهبوا مَا قدرُوا عَلَيْهِ. وقصدوا بعده بَيت الْوَزير أَمِين الدّين إِبْرَاهِيم بن الهيصم وَبَيت الْأَمِير كريم الدّين عبد الْكَرِيم ابْن كَاتب المناخ أستادار فنهبوهما. وَلم يقدروا على أحد من الثَّلَاثَة لفرارهم مِنْهُم فَكَانَ يَوْمًا شنيعاً.

<<  <  ج: ص:  >  >>