بِالْعدَدِ فيحسب فِي كل رَطْل مِنْهَا سِتَّة دَرَاهِم وَصَارَت قيم الْأَعْمَال وَثمن المبيعات كلهَا - جليلها وحقيرها - وَأُجْرَة الْبيُوت والبساتين وسجلات الْأَرَاضِي كلهَا ومهور النِّسَاء وَسَائِر إنعامات السُّلْطَان إِنَّمَا هِيَ بالفلوس وَصَارَ النقدان - اللَّذَان هما الذَّهَب وَالْفِضَّة - ينسبان إِلَى هَذِه الْفُلُوس فَيُقَال كل دِينَار بِكَذَا أَو كَذَا من الْفُلُوس وكل دِرْهَم من الْفضة إِن وجد - وَلَا يكَاد يُوجد - بِكَذَا من الْفُلُوس فَلم يبْق للنَّاس بديار مصر نقد سوى الْفُلُوس. ثمَّ بعد الْفُلُوس الذَّهَب الأفرنتي أَو الذَّهَب السالمي أَو الذَّهَب الناصري وَهُوَ بأنواعه إِنَّمَا ينْسب إِلَى الْفُلُوس. وَصَارَ الذَّهَب مَعَ ذَلِك أصنافاً الهرجة وَهُوَ قَلِيل جدا والأفرنتي وَهُوَ من الذَّهَب النَّقْد الرائج والسالمي وَهِي دَنَانِير ضربهَا الْأَمِير يلبغا السالمي أستادار زنتها مِثْقَال كل دِينَار والناصري وَهِي دَنَانِير ضربهَا الْملك النَّاصِر فرج بن برقوق. فَلَمَّا كَانَت الْأَيَّام المؤيدية شيخ ضرب دَرَاهِم عرفت بالمؤيدية تعامل النَّاس بهَا عددا مُدَّة أَيَّامه وَحسن موقعها من النَّاس فَصَارَت النُّقُود بِمصْر الْفُلُوس وَالذَّهَب بأنواعه وَالْفِضَّة المؤيدية. والنقد الرائج مِنْهَا إِنَّمَا هُوَ الْفُلُوس وإليها تنْسب قيم الْأَعْمَال وَثمن المبيعات كَمَا تقدم. فَلَمَّا كَانَت الْأَيَّام الأشرفية برسباي رد الدَّرَاهِم إِلَى الْوَزْن وأبطل الْمُعَامَلَة بهَا بِالْعدَدِ فَإِنَّهُ كثر قصّ المفسدين مِنْهَا فتعنت النَّاس فِي أَخذهَا. واستمرت الْمُعَامَلَة بِالدَّرَاهِمِ وزْناً. وَضرب أَيضاً دَرَاهِم أشرفية يصرف كل دِرْهَم وزنا بِعشْرين درهما من الْفُلُوس. ثمَّ تزايد سعر الْفُلُوس حَتَّى بلغ كل قِنْطَار مِنْهَا ألفا وَثَمَانمِائَة فتعمل النَّاس بهَا من حِسَاب كل رَطْل بِثمَانِيَة عشر درهما فُلُوسًا. وَمَا زَالَت تقل لِكَثْرَة مَا يحمل التُّجَّار مِنْهَا إِلَى بِلَاد الْهِنْد وَغَيرهَا وَمَا يضْرب مِنْهَا بِالْقَاهِرَةِ أواني كالقدور الَّتِي يطْبخ فِيهَا وَنَحْوهَا من آلَات النّحاس. وَصَارَ على من يتَوَلَّى ضرب الْفُلُوس أواني ضْماناً مقرراً لديوان الْخَاص فِي كل شهر خَمْسَة عشر ألف دِرْهَم. ثمَّ زَاد مبلغ الضَّمَان عَن ذَلِك فَاقْتضى رَأْي السُّلْطَان بعد اخْتِلَاف واضطراب كثير فِي مُدَّة أَيَّام أَن يضْرب فُلُوسًا يعد فِي كل دِرْهَم من دَرَاهِم الدِّينَار ثَمَانِيَة فلوس على أَن الدِّينَار الأشرفي بمائتين وَخَمْسَة وَثَمَانِينَ درهما وَالدِّينَار الأفرنتي بمائتين وَثَمَانِينَ. فَتكون هَذِه الْفُلُوس الأشرفية كل رَطْل مِنْهَا بسبعة وَعشْرين درهما. وَيُؤْخَذ فِي كل دِينَار أشرفي أَلفَانِ وَمِائَتَا فلس وَثَمَانُونَ فلسًا. فَلَمَّا ضربت الْفُلُوس على هَذَا الحكم نُودي أَن يتعامل النَّاس بهَا وَألا يتعاملوا. بِمَا فِي أَيْديهم من الْفُلُوس الْقَدِيمَة بل يحملوها إِلَى دَار الضَّرْب على حِسَاب كل رَطْل بِثمَانِيَة عشر. وَمَا أحسن هَذَا لَو استَمر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute