بسطت الْكَلَام على هَذَا عِنْد ذكر الْكَنَائِس والديارات من كتاب المواعظ والإعتبار بِذكر الخطط والْآثَار. وَفِي هَذَا الشَّهْر: شنع الْمَوْت بالطاعون فِي بلد عانة من بِلَاد الْعرَاق بِحَيْثُ لم يبْق بهَا أحد. وإستولى أَمِير الملا عاذر بن نعير على موجودهم جَمِيعه. وشنع الْمَوْت أَيْضا فِي أهل الرحبة حَتَّى عجزوا عَن مواراة الْأَمْوَات وألقوا مِنْهُم عددا كثيرا فِي الْفُرَات. وشنع الْمَوْت أَيْضا فِي أزواق التركمان وبيوت العربان بنواحي بِلَاد الْفُرَات حَتَّى صَار الْفَرِيق من الْعَرَب أَو الزوق من التركمان لَيْسَ بِهِ إِنْسَان. ودوابهم مُهْملَة لَا رَاعى لَهَا. وأحصى من مَاتَ بِمَدِينَة غَزَّة فِي هَذَا الشَّهْر فبلغوا إثني عشر ألفا ونيف ووردت الْأَخْبَار بخلو عدَّة مدن بِبِلَاد الْمشرق لمَوْت أَهلهَا وبكثرة الوباء بِبِلَاد الفرنج. شهر شَوَّال أهل بِيَوْم الْخَمِيس: وَقد كل النَّاس بِالْقَاهِرَةِ ومصر من الْقَبْض والأنكاد مَا لَا يُوصف وَذَلِكَ من تزايد عدَّة الْأَمْوَات فِي كل يَوْم فَكَانَت عدَّة من رفع ذكره من ديوَان الْمَوَارِيث فِي هَذَا الْيَوْم وَهُوَ يَوْم الْعِيد من الْقَاهِرَة مائَة إِنْسَان وَمن مصر إثنان وَعِشْرُونَ. هَذَا وَقد تعطل بيع كثير من البضائع وأمتعة النِّسَاء لإمتناعهن من الْمَشْي فِي الطرقات وإستوحش نسَاء الْأُمَرَاء المجردين وَأَوْلَادهمْ لغيبتهم عَنْهُم وقلق النَّاس من عسف متولى الْحِسْبَة وَشدَّة بطشه وَمن كَثْرَة مَا دَاخل النَّاس من الْوَهم خوفًا على أَوْلَادهم وخدمهم من الْمَوْت الوحى السَّرِيع بالطاعون وَمن نزُول أَنْوَاع المكاره بِالذِّمةِ من الْيَهُود وَالنَّصَارَى بِحَيْثُ أَنى لم أدْرك فِي طول عمرى عيدًا كَانَ أنكد على النَّاس من هَذَا وَفِي لَيْلَة هَذَا الْعِيد: إشتد برد الشتَاء فِي بِلَاد الشَّام فَأصْبح النَّاس من صفد إِلَى دمشق وحماة وحلب وديار بكر إِلَى أرزن كَانَ وَقد صقعت أَشْجَارهم بِحَيْثُ لم يبْق عَلَيْهَا ورقة خضراء إِلَّا إسودت مَا عدا شجر الصفصاف والجوز فَتلفت الباقلاء المزروعة وَالشعِير والبيقياء والهليون وَعَامة الخضروات فَزَادَهُم ذَلِك بلَاء على بلائهم بِكَثْرَة الموتان الفاشى فِي النَّاس وهبت مَعَ ذَلِك بصفد ريح بَارِدَة هلك بعْدهَا من النَّاس وَالدَّوَاب مَا شَاءَ الله. وَتَلفت بهَا الزروع وَالْأَشْجَار.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute