للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَمَات السُّلْطَان الْملك الْأَشْرَف برسباى الدقماقى الظاهرى فِي يَوْم السبت ثَالِث عَاشر ذى الْحجَّة وَقد أناف على السِّتين. كَانَ أَبوهُ من أوضع أهل بِلَاده قدرا وأشدهم فقرا فَأسلم إبنه هَذَا لحداد فَكَانَ ينْفخ عِنْده بالكير ثمَّ مَاتَ فَتزوّجت إمرأته بِرَجُل فَبَاعَ برسباى هَذَا وَهُوَ صَغِير من رَحل يهودى إسمه صَادِق. فخدمه مُدَّة وتلقن أخلاقه وتطبع بطباعه حَتَّى جلبه إِلَى ديار مصر فإبتاعه الْأَمِير دقماق. ثمَّ بعث بِهِ فِي جملَة تقدمه لما إستقر فِي نِيَابَة ملطية. فأنزله السُّلْطَان الْملك الظَّاهِر برقوق فِي جملَة مماليك الطباق. ثمَّ أخرج لَهُ قبل مَوته خيلًا وأنزله من الطباق وَقد أعْتقهُ. فَلَمَّا كَانَت الْأَيَّام الناصرية فرج خرج فِيمَن خرج إِلَى الشَّام وإنتمى إِلَى الْأَمِير نوروز ثمَّ إِلَى الْأَمِير شيخ فَلَمَّا قدم الْأَمِير شيخ بعد قتل النَّاصِر إِلَى مصر كَانَ فِيمَن قدم مَعَه فرقاه وَصَارَ من جملَة أُمَرَاء الألوف وَعمل كشف التُّرَاب. ثمَّ ولاه نِيَابَة طرابلس وعزله وسجنه بقلعة المرقب. ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بإمرة فِي دمشق. فَلَمَّا مَاتَ الْمُؤَيد شيخ قبض عَلَيْهِ الْأَمِير جقمق نَائِب الشَّام وسجنه. ثمَّ أفرج عَنهُ الْأَمِير ططر لما توجه بإبن الْمُؤَيد إِلَى الشَّام. ثمَّ أنعم عَلَيْهِ بإمرة ألف وَعَمله دوادار السُّلْطَان لما تسلطن وَقدم بِهِ إِلَى الْقَاهِرَة فَلَمَّا مَاتَ الظَّاهِر ططر قَامَ بِأَمْر وَلَده ثمَّ خلعه وتسلطن فدانت لَهُ الْبِلَاد وَأَهْلهَا وخدمته السُّعُود حَتَّى مَاتَ. وَكَانَت أَيَّامه هدوء وَسُكُون إِلَّا أَنه كَانَ لَهُ فِي الشُّح وَالْبخل والطمع مَعَ الْجُبْن والجور وَسُوء الظَّن ومقت الرّعية وَكَثْرَة التلون وَسُرْعَة التقلب فِي الْأُمُور وَقلة الثَّبَات أَخْبَار لم نسْمع بِمِثْلِهَا وَشَمل بِلَاد مصر وَالشَّام فِي أَيَّامه الخراب وَقلة الْأَمْوَال بهَا. وإفتقر النَّاس وَسَاءَتْ سير الْحُكَّام والولاة مَعَ بُلُوغه آماله ونيله أغراضه وقه أعدائه وقتلهم بيد غَيره لِتَعْلَمُوا أَن الله على كل شىء قدير. وَمَات الْأَمِير سودون بن عبد الرَّحْمَن وَهُوَ مسجون بثغر دمياط فِي يَوْم السبت الْعشْرين من ذى الْحجَّة. وَهُوَ من جملَة المماليك الظَّاهِرِيَّة برقوق. ترقي فِي الخدم حَتَّى صَار نَائِب الشَّام ثمَّ عزل وسجن حَتَّى مَاتَ وَكَانَ مصرا على مَا لَا تبيحه الشَّرِيعَة من شهواته الخسيسة وأحدث فِي دمشق أَيَّام نيابته بهَا عدَّة أَمَاكِن لبيع الْخمر ووقوف البغايا والأحداث وضمنها. بِمَال فِي كل شهر فإستمرت من بعده. وإقتدى بِهِ فِي ذَلِك غير وَاحِد فعملوا فِي دمشق خمارات مضمنة بأموال من غير أَن يُنكر عَلَيْهِ أحد ذَلِك ليقضى الله أمرا كَانَ مَفْعُولا.

<<  <  ج: ص:  >  >>