للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَفِي يَوْم الْأَحَد تاسعه: أحضر الطواشى عبد اللَّطِيف العثماني وَهُوَ مِمَّن كَانَ مسخوطًا عَلَيْهِ فِي الْأَيَّام الأشرفية برسباى وَأمر أَن يصعد بِهِ إِلَى بَين يَدي السُّلْطَان ليخلع عَلَيْهِ ويستقر مقدم المماليك عوضا عَن خشقدم فَخلع عَلَيْهِ. وَفِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ عاشره: ركب السُّلْطَان من الحوش بالقلعة وَركب مَعَه القَاضِي زين الدّين عَظِيم الدولة عبد الباسط نَاظر الجيمق وَنزلا إِلَى الميدان وَجَمِيع المباشرين والأمير أينال الدوادار مشَاة وراءهما فَركب الْأَمِير نظام الْملك جقمق وَفِي خدمته الْأُمَرَاء من الحراقة بِبَاب السلسلة خلا الْأَمِير قرقماس أَمِير سلَاح والأمير أركماس الدوادار ودخلوا إِلَى السُّلْطَان بالميدان فعندما رَآهُمْ القَاضِي عبد الباسط ترجل عَن فرسه إِلَى الأَرْض وَنزل الْأُمَرَاء أَيْضا عَن خيولهم. وَقد وقف السُّلْطَان على فرسه فقبلوا الأَرْض ووقفوا فَتقدم الْأَمِير نظام الْملك فَقبل رجل السُّلْطَان فِي الركاب وحادثه. ثمَّ خلع بَين يَدي السُّلْطَان على الْأَمِير يشبك حَاجِب الْحجاب فَإِنَّهُ كَانَ يَوْم قدوم الْأُمَرَاء ملازمًا الْفراش فِي دَاره لوعك بِهِ. وإنصرف الْجَمِيع عائدين فِي خدمَة الْأَمِير نظام الْملك. وَكَانَ سَبَب تَأَخّر الْأَمِير قرقماس عَن هَذِه الْخدمَة أَنه بلغه مَا غير خاطره. وَذَلِكَ أَنه كَانَ فِي نَفسه أَن يتسلطن فَلَمَّا فهم هَذَا عَنهُ تقرب إِلَيْهِ عدَّة من الَّذين يوهمون جهلة النَّاس أَنهم أَوْلِيَاء الله وَلَهُم إطلاع على علم الْغَيْب وصاروا يعدوه بِأَنَّهُ لابد لَهُ من السلطة وَتُخْبِرهُ جمَاعَة أُخْرَى بمنامات تدل لَهُ على ذَلِك وَيَزْعُم لَهُ آخَرُونَ بِأَنَّهُم إطلعوا على ذَلِك من علم الرمل وَمن علم النُّجُوم فتقرر ذَلِك فِي ذهنه وَلم يقدر على إِظْهَار ذَلِك حَتَّى بلغه وَهُوَ مُسَافر فِي التجريدة موت الْأَشْرَف برسباى فَرَأى أَن دولته قد طلعت فَأخذ يترفع على من مَعَه من الْأُمَرَاء ترفعًا زَائِدا. هَذَا مَعَ مَا يعرفونه من تكبره وإفراط جبروته وَشدَّة بطشه فَزَادَهُم ذَلِك نفورًا مِنْهُ وداروه حَتَّى قدمُوا ظَاهر الْقَاهِرَة وَهُوَ وهم على تخوف من الأشرفية لما بَلغهُمْ عَنْهُم من أَنهم على عزم الْإِيقَاع بهم. فأذْ قرقماس يُطلق القَوْل ويبدى شَيْئا مِمَّا فِي نَفسه وَفعل مَا لم يسْبقهُ أَمِير لفعله من قلَّة الْأَدَب فِي دُخُوله مطلبًا وَعدم مثوله بَين يَدي السُّلْطَان بالقلعة. بل وقف فِي الإصطبل على بعد كَمَا تقدم كل ذَلِك لرعونته وفرط رقاعته ثمَّ كَانَ من فحشه وجرأته فِي الْقَبْض على الْأُمَرَاء مَا كَانَ وَأخذ مَعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>