لَيْلًا فَلَمَّا فطن بهم لعدم تحفظهم وَقلة دربتهم تسللوا من دَار أينال وَقد كَاد يدركهم الطّلب من السُّلْطَان فَلَمَّا وصل طوغان من عِنْد الْعَزِيز لم يحسن التَّصَرُّف فِيمَا إنتدب لَهُ فَإِنَّهُ إشتهر فِي مسيره ثمَّ لما وصل إِلَى من قصدهم أعلم المماليك بِأَن الْعَزِيز خرج من سجنه وَنزل من القلعة فإجتمع عَلَيْهِ الْقَوْم وَأَنه محاصر للقلعة فأدركوه فهيج هَذَا القَوْل مِنْهُ حفائظهم وحرك كوامنهم هَذَا وَقد ضيع نَفسه بشهرته فِي مُدَّة توجهه من عِنْد الْعَزِيز إِلَيّ أَن وصل إِلَى المماليك. وَقد بلغ السُّلْطَان خَبره ومروره بالبلاد الَّتِي نزل بهَا فِي سَفَره فَكتب بِالْقَبْضِ عَلَيْهِ فَلم يُدْرِكهُ الطّلب حَتَّى وصل وروج على أَصْحَابه بِمَا لَا حَقِيقَة لَهُ فبادر الْأَمِير يشبك بمطالعة السُّلْطَان بِخَبَر طوغان ثمَّ ترادفت كتب السُّلْطَان وأخبار الْمُسَافِرين بِمَا تبين بِهِ كذب طوغان وَأَن الْعَزِيز مخفي والمواضع تكبس عَلَيْهِ فإنحل مَا عقده طوغان فِي أنفس المماليك وَأثبت مَا كَانَ قد أوثقه بِأَيْدِيهِم هَذَا وَقد توجهوا من أسيوط يُرِيدُونَ الْقَاهِرَة ليدركوا الْعَزِيز بزعمهم فمازال الْأَمِير يشبك يستميلهم ويخوفهم حَتَّى أسلموه طوغان بعد إباء وإمتناع أفْضى بِهِ وبهم أَن جمع عَلَيْهِ الكاشف بِالْوَجْهِ القلبي وَعدد كَثِيرَة من عربان الطَّاعَة وهم بمحاربتهم فَلم تكن لَهُم طَاقَة. بمحاربته وَتبين لَهُم فَسَاد مَا بنوا عَلَيْهِ أَمرهم فأذعنوا عِنْد ذَلِك وقادوه برمتِهِ حَتَّى حمل فِي الْحَدِيد وَرَجَعُوا مَعَ الْأَمِير يشبك إِلَى نَاحيَة جرجا فَبَطل مَا كَانُوا يعلمُونَ وَالله لَا يصلح عمل المفسدين. وعندما وصل طوغان تولى عُقُوبَته المؤيدية فَمَا عفوا وَلَا كفوا بل أنزلوا بِهِ أَنْوَاع الْعَذَاب الْمُتْلف مَا بَين ضرب وعصر وَغير ذَلِك حَتَّى أشفى على الْمَوْت وعوقب مَعَه ثَلَاثَة نفر فأجتمع من إقرارهم أَن إِبْرَاهِيم الطباخ لما أخرج الْعَزِيز بعد الْمغرب نزل من مَوضِع بالمصنع تَحت القلعة وَقد إجتمع عَلَيْهِ عدَّة من المماليك ليسرروا بِهِ إِلَى الشَّام ثمَّ إنصرفوا عَن هَذَا الرَّأْي وَتوجه طوغان ليَأْتِي بالمماليك من الصَّعِيد. وَفِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَانِي عشرينه: أخرج بطوغان مَحْمُولا لعَجزه عَن الْحَرَكَة من شدَّة الْعقُوبَة حَتَّى وسط عِنْد بَاب السلسلة. وَمن الْعجب أَن طوغان هَذَا مَاتَ الْأَشْرَف وَهُوَ من جملَة الزردكاشية فإستحال على خشداشيته وَصَارَ من جملَة الْأَمِير أينال وانتمى مَعَه إِلَيّ السُّلْطَان وَهُوَ إِذا ذَاك أَمِير وإختص بِهِ فعمله من جملَة الدوادارية ثمَّ إستحال على السُّلْطَان وَأخرج الْعَزِيز فَكَانَت منيته على يَده. هَذَا وَالْبَلَاء يشْتَد على النَّاس بِسَبَب الْعَزِيز فَقبض على جمَاعَة وسجن جمَاعَة وعوقب كثير من النَّاس. وَفِي هَذَا الْيَوْم: إستقل الركب الأول بِالْمَسِيرِ من بركَة الْحجَّاج بَعْدَمَا فتش ا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute