وَفِيه قدم من الصَّعِيد بضعَة عشر رَأْسا علقت على بَاب النَّصْر وَذَلِكَ أَن الْأَمِير يشبك لما قبض على طوغان وَبعث بِهِ كَمَا تقدم ذكره رَجَعَ بِمن مَعَه من المماليك والأمراء لمحاربة هوارة فَلَقِيَهُمْ على نَاحيَة بوتيج فِي حادي عشرينه وَقَاتلهمْ وَهَزَمَهُمْ بَعْدَمَا قتل مِنْهُم مَائه وَسِتِّينَ رجلا وَأخذ لَهُم مائَة فرس فَجهز من رُؤُوس أعيانهم سِتَّة عشر رَأْسا هَذَا وَقد خربَتْ بِلَاد الصَّعِيد ورعيت زروعها مَعَ مَا فِي أراضيها من الشراقي وَأكل الفأر الْكثير جدا مُعظم الزَّرْع وَهدم الْعَرَب الدواليب. وَفِي يَوْم السبت سادس عشرينه: خلع على الْأَمِير صفي الدّين جَوْهَر الخازندار وإستقر زِمَام الآدر السُّلْطَانِيَّة عوضا عَن الطواشي فَيْرُوز مُضَافا للخازندارية. وَفِي لَيْلَة الْأَحَد سَابِع عشرينه: قبض على الْملك الْعَزِيز وَذَلِكَ أَنه ضَاقَتْ عَلَيْهِ الْأَمَاكِن لِكَثْرَة مَا يكبس عَلَيْهِ وَهُوَ يتنقل من مَوضِع إِلَى مَوضِع آخر وَمَعَهُ أزدمر شاد شواب خاناته وصندل طواشيه وَإِبْرَاهِيم طباخه فطرد أزدمر صندل الطواشي ومازال بِهِ حَتَّى فارقهم من أَربع لَيَال ثمَّ طرد الطباخ وإنفرد هُوَ والعزيز فَيُقَال إِن الْعَزِيز بعث إِلَى خَاله أخي أمه وإسمه بيبرس ليختفي عِنْده فواعده على أَنه يَأْتِيهِ. وَخَافَ عَاقِبَة أمره فَأعْلم جَار لَهُ من المؤيدية يُقَال لَهُ يلبيه رَأس نوبَة بِأَمْر مَجِيء الْعَزِيز وَأَنه يقبح بِهِ أَن يكون مسكه على يَدَيْهِ وَلَكِن إفعل أَنْت ذَلِك. فترصده يلبيه حَتَّى مر بِهِ وَمَعَهُ أزدمر بعد عشَاء الْآخِرَه فِي خطّ زقاق حلب وهما فِي هَيْئَة مغربيين. فَوَثَبَ يلبيه بأزدمر ليقْبض عَلَيْهِ فإمتنع مِنْهُ فَضَربهُ أدْمى وَجهه وأعانه عَلَيْهِ أعوانه حَتَّى أوثقوه وَأخذُوا الْعَزِيز وَعَلِيهِ جُبَّة صوف وقادوه وأزدمر إِلَى بَاب السلسلة وصعدوا بهما إِلَى السُّلْطَان والعزيز حاف وَقد أَخذ رجل بأطواقه يسحبه وَجَمَاعَة مُحِيطَة بِهِ. فَأوقف بَين يَدي السُّلْطَان سَاعَة وَهُوَ يؤنبه ثمَّ سجن فِي مَوضِع حَتَّى أصبح وطلع الْأُمَرَاء وَغَيرهم إِلَى الْخدمَة فأعلموا بِخَبَر الْعَزِيز ثمَّ أدخلهُ السُّلْطَان إِلَى قاعة العواميد وأسلمه لزوجته خوند مغل بنت الْبَارِزِيّ وأمرها أَن تَجْعَلهُ فِي المخدع الْمعد لمبيت السُّلْطَان وَلَا تَبْرَح على بَابه وَأَن تتولى أَمر أكله وشربه وحاجاته بِنَفسِهَا فَأَقَامَ على ذَلِك حَتَّى نقل من المخدع كَمَا سَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله تَعَالَى. وَأما أزدمر فَإِنَّهُ سجن بالبرج من القلعة حَيْثُ كَانَ صندل وَغَيره من الأشرفية وَلم يُوقف للطباخ على خبر وَيُقَال إِن الْعَزِيز دفع إِلَيْهِ مبلغ سِتّمائَة دِينَار وَدفع لصندل خمسين دِينَارا.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute