فَلَمَّا بلغ السُّلْطَان ذَلِك عَاد من أكوم طناح إِلَى الْقَاهِرَة وَخرج مِنْهَا إِلَى عسكره بالصالحية وَسَار فِي محفة لما بِهِ من الْمَرَض بِسَبَب ورم مأبضه وَكَانَ قد اشْتَدَّ بِهِ حَتَّى حصل مِنْهُ ناصور. وَحدث قرحَة فِي الصَّدْر إِلَّا أَن همته كَانَت قَوِيَّة فَلم يلق نَفسه وَسَار السُّلْطَان إِلَى دمشق وَنزل بقلعتها. وَبعث السُّلْطَان بالأمير فَخر الدّين بن شيخ الشُّيُوخ وَمَعَهُ الْأُمَرَاء والعساكر وَفِيهِمْ الْأَمِير ابْن أبي عَليّ الهذباني إِلَى حمص فنازلها وَرمى عَلَيْهَا بمنجنيق زنة حجره مائَة وَأَرْبَعُونَ رطلا وَمَعَهُ ثَلَاثَة عشر منجنيقاً آخر وسخر النَّاس فِي حمل هَذِه المجانيق من دمشق حَتَّى كَانَ يحمل كل عود ثمنه نَحْو عشْرين درهما بِأَلف دِرْهَم فَإِن الْوَقْت كَانَ شتاء صعباً. وألح الْأَمِير فَخر الدّين فِي الْحصار إِلَى أَن قدم من بَغْدَاد الشَّيْخ نجم الدّين البادرائي رَسُولا من الْخَلِيفَة المستعصم بِاللَّه بِالصُّلْحِ بَين الحلبيين وَبَين السُّلْطَان فتقرر الصُّلْح ورحل العساكر عَن حمص بَعْدَمَا أشرف على أَخذهَا. وَقدم من حلب الشَّيْخ شمس الدّين الخسروشاهي فَسَأَلَ السُّلْطَان على لِسَان الْملك النَّاصِر دَاوُد صَاحب الكرك أَن يسلم الكرك إِلَى السُّلْطَان ويعتاض عَنْهَا بالشوبك فَأُجِيب النَّاصِر دَاوُد إِلَى ذَلِك وَتوجه من يتسلم مِنْهُ الكرك ثمَّ رَجَعَ النَّاصِر عَن ذَلِك لما بلغه من شدَّة مرض السُّلْطَان وتحرك الفرنج لأخذ ديار مصر فَخرج السُّلْطَان من
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute