سنة إِحْدَى وَخمسين وسِتمِائَة فِيهَا تقرر الصُّلْح بَين الْملك الْمعز أيبك وَبَين الْملك النَّاصِر صَاحب دمشق بسفارة نجم الدّين البادرائي. وَقد قدم نجم الدّين إِلَى الْقَاهِرَة وصحبته عز الدّين أزدمر وَكَاتب الْإِنْشَاء بحلب نظام الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن الْمولى الْحلَبِي لتمهيد الْقَوَاعِد فلي يبرحا إِلَى أَن انفصلت الْقَضِيَّة: على أَن يكون للمصريين إِلَى الْأُرْدُن وللناصر مَا وَرَاء ذَلِك وَأَن يدْخل فِيهَا للمصريين غَزَّة والقدس ونابلس والساحل كُله وَأَن الْمعز يُطلق جَمِيع من أسره من أَصْحَاب الْملك النَّاصِر. وَحلف كل مِنْهُمَا على ذَلِك وكتبت بِهِ العهود وَعَاد الْملك الْمعز وَعَسْكَره إِلَى قلعة الْجَبَل فِي يَوْم الثُّلَاثَاء سَابِع صفر وَنزل البادرائي بِالْقَاهِرَةِ وَأطلق الْملك الْمعز الْملك الْمُعظم تورانشاه بن السُّلْطَان صَلَاح الدّين يُوسُف بن أَيُّوب وأخاه نصْرَة الدّين وَسَائِر أَوْلَاد الْمُلُوك والأمراء وأحضرهم دَار الوزارة ليشهدوا حلفه للْملك النَّاصِر. ثمَّ قدم الْملك الْمعز أيبك للْملك الْمُعظم تقدمة سنية وَأعْطى نظام الدّين بن الْمولى ورفيقه عز الدّين أزدمر عشره آلَاف دِينَار. وفيهَا قويت البحرية - وَكَبِيرهمْ فَارس الدّين أقطاي - على الْمعز وَكثر قبضتهم واستطالتهم وتوثبهم على الْملك الْمعز وهموا بقتْله. وفيهَا تسلم المصريون قلعة الشوبك فَلم يبْق مَعَ الْملك المغيث سوى الكرك والبلقاء وَبَعض الْغَوْر. وفيهَا قطع الْمعز خبز الْأَمِير حسام الدّين بن أبي عَليّ فَلَزِمَ دَاره ثمَّ خرج إِلَى بِلَاد الشَّام وفيهَا ثارت العربان بِبِلَاد الصَّعِيد وَأَرْض بحري وَقَطعُوا الطَّرِيق برا وبحراً فَامْتنعَ التُّجَّار وَغَيرهم من السّفر. وَقَامَ الشريف حصن الدّين ثَعْلَب بن الْأَمِير الْكَبِير نجم الدّين عَليّ بن الْأَمِير الشريف فَخر الدّين إِسْمَاعِيل بن حصن الدولة مجد الْعَرَب ثَعْلَب بن يَعْقُوب بن مُسلم بن أبي جميل الجمدي وَقَالَ: نَحن أَصْحَاب الْبِلَاد وَمنع الأجناد من ناول الْخراج وَصرح هم وَأَصْحَابه: بِأَنا أَحَق بِالْملكِ من المماليك وَقد كفى أَنا خدمنا بني أَيُّوب وهم خوارج خَرجُوا على الْبِلَاد. وأنفوا من خدمَة التّرْك وَقَالُوا إِنَّمَا هم عبيد للخوارج وَكَتَبُوا إِلَى الْملك النَّاصِر صَاحب دمشق يستحثونه على الْقدوم إِلَى مصر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute