للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَاجْتمعَ الْعَرَب - وهم يَوْمئِذٍ فِي كَثْرَة من المَال وَالْخَيْل وَالرِّجَال إِلَى الْأَمِير حصن الدّين ثَعْلَب وَهُوَ بِنَاحِيَة دهروط صربان وأتوه من أقْصَى الصَّعِيد وأطراف بِلَاد الْبحيرَة والجيزة والفيوم وحلفوا لَهُ كلهم. فَبلغ عدَّة الفرسان اثْنَي عشر ألف فَارس وتجاوزت عدَّة الرجالة الإحصاء لكثرتهم. فَجهز إِلَيْهِم الْملك الْمعز أيبك الْأَمِير فَارس الدّين أقطاي الجمدار والأمير فَارس الدّين أقطاي المستعرب فِي خَمْسَة آلَاف فَارس. فَسَارُوا إِلَى نَاحيَة ذرْوَة وبرز إِلَيْهِم الْأَمِير حصن الدّين ثَعْلَب فاقتتل الْفَرِيقَانِ من بكرَة النَّهَار إِلَى الظّهْر. فَقدر الله أَن الْأَمِير حصن الدّين تقنطر عَن فرسه فأحاط بِهِ أَصْحَابه وَأَتَتْ الأتراك إِلَيْهِ فَقتل حوله من الْعَرَب وَالْعَبِيد أَرْبَعمِائَة رجل حَتَّى أركبوه. فَوجدَ الْعَرَب قد تفَرقُوا عَنهُ فولى مُنْهَزِمًا. وَركب التّرْك أدبارهم يقتلُون وَيَأْسِرُونَ حَتَّى حَال بَينهم اللَّيْل فحووا من الأسلاب والنسوان وَالْأَوْلَاد والخيول وَالْجمال والمواشي مَا عجزوا عَن ضَبطه وعادوا إِلَى المخيم ببلبيس. ثمَّ عدوا إِلَى عرب الغربية والمنوفية من قبيلتي سِنْبِسٍ ولواتة وَقد تجمعُوا بِنَاحِيَة سخا وسنهور فأوقعوا بهم وَسبوا حريمهم وَقتلُوا الرِّجَال وتبدد كل عرب مصر وحمدت جمرتهم من حِينَئِذٍ. وَلحق الشريف حصن الدّين من بَقِي من أَصْحَابه وَبعث يطْلب من الْملك الْمعز الْأمان فَأَمنهُ ووعده بإقطاعات لَهُ ولأصحابه ليصيروا من حَملَة الْعَسْكَر وعوناً لَهُ على أعدائه. فانخدع الشريف حصن الدّين وَظن أَن التّرْك لَا تَسْتَغْنِي عَنهُ فِي محاربة الْملك النَّاصِر وَقدم فِي أَصْحَابه وَهُوَ مطمئن إِلَى بلبيس. فَلَمَّا قرب من الدهليز نزل عَن فرسه ليحضر مجْلِس السُّلْطَان فَقبض عَلَيْهِ وَعلي سَائِر من حضر مَعَه وَكَانَت عدتهمْ نَحْو ألفي فَارس وسِتمِائَة راجل. وَأمر الْملك الْمعز فَنصبت الأخشاب من بلبيس إِلَى الْقَاهِرَة وشنق الْجَمِيع وَبعث بالشريف حصن إِلَى ثغر الْإسْكَنْدَريَّة فحبس بهَا وَسلم لواليها الْأَمِير شمس الدّين مُحَمَّد بن باخل. وَأمر الْمعز بِزِيَادَة القطعية على الْعَرَب وَبِزِيَادَة

<<  <  ج: ص:  >  >>