حَدِيد أَبْوَابهَا ورصاص كنائسها مَا لَا يُوصف كَثْرَة وأقيمت الْأَسْوَاق خَارج الْمَدِينَة فَقدم التُّجَّار من كل جِهَة. وَكَانَ بِالْقربِ من أنطاكية عدَّة حصون فَطلب أَهلهَا الْأمان فَتوجه إِلَيْهِم الْأَمِير بيليك الأشرفي وتسلمها فِي حادي عشره وَأسر من فِيهَا من الرِّجَال. وَكَانَ التكفور هيتوم ملك سيس لم يزل يسْأَل فِي إِطْلَاق وَلَده ليفون ويعرض فِي فدائه الْأَمْوَال والقلاع وَكَانَ التتر قد أَسرُّوا الْأَمِير شمس الدّين سنقر الْأَشْقَر من حلب لما ملكوها من الْملك النَّاصِر فاقترح السُّلْطَان على سيس إِحْضَار سنقر عوضا عَن وَلَده ورد القلاع الَّتِي أَخذهَا من مملكة حلب وَهِي بهسنا ودربساك ومرزبان ورعبان وشبح الْحَدِيد فَسَأَلَ هيتوم المهلة سنة إِلَى أَن يبْعَث إِلَى الأرذو فَلَمَّا كَانَ فِي هَذِه الْأَيَّام بعث هيتوم إِلَى السُّلْطَان بِأَنَّهُ وجد سنقر وَأَنه أُجِيب إِلَى إِطْلَاقه فَكتب إِلَيْهِ بإحضاره. فأحضر هيتوم كتاب سنقر إِلَى السُّلْطَان بأماير إِلَّا إِنَّه غير قَوْله فِي تَسْلِيم القلاع فَكتب إِلَيْهِ. إِذا كنت تقسو على ولدك وَولي عَهْدك فَأَنا أقسو على صديق مَا بيني وَبَينه نسب وَيكون الرُّجُوع مِنْك لَا مني. وَنحن خلف كتَابنَا فمهما شِئْت افْعَل بسنقر الْأَشْقَر فَلَمَّا وصلت إِلَيْهِ الْكتب من أنطاكية خَافَ وتقرر الصُّلْح على تَسْلِيم قلعة بهسنا ودر بساك وكل مَا أَخذه من بِلَاد الْإِسْلَام وَأَن يرد الْجَمِيع بحواصلها كَمَا تسلمها وَيُطلق سنقر الْأَشْقَر وَيُطلق السُّلْطَان وَلَده وَابْن أَخِيه وغلمانهما وَأَنه يحضر رهينة حَتَّى يتسلم السُّلْطَان القلاع فَكتبت الْهُدْنَة بأنطاكية وَتوجه الْأَمِير بلبان الرُّومِي للدوادار والصدر فتح الدّين بن القيسراني كَاتب الدرج. لاستحلافه وَتوجه الْأَمِير بدر الدّين يحكا الرُّومِي لإحضار الْملك ليفون من مصر على الْبَرِيد فِي لَيْلَة الثَّالِث عشر من رَمَضَان فوصل إِلَى الْقَاهِرَة وَخرج مِنْهَا ثَانِي يَوْم دُخُوله بِالْملكِ ليفون فوصل إِلَى دمشق لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ سادس عشريه فَكَانَ بَين خُرُوجه من أنطاكية وَعوده إِلَى دمشق ثَلَاثَة عشر يَوْمًا وَحلف التكفور هيتوم صَاحب سيس فِي سَابِع ورحل السُّلْطَان من أنطاكية إِلَى شيزر وَسَار مِنْهَا على الْبَريَّة إِلَى حمص وَهُوَ يتصيد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute