السُّلْطَان يتفرج بالأمراء بسوق الْخَيل فَلَمَّا قدم الْفرس للْملك السعيد يَوْم الْخَمِيس على الْعَادة قدم أَمِير آخور للسُّلْطَان فرسا آخر وعندما خرج الْملك السعيد ليركب مَا أحس إِلَّا وَالسّلم قد خرج إِلَيْهِ فرعب وَقبل لَهُ الأَرْض وَركب السُّلْطَان وَخرج على غَفلَة وبغلس فَأنْكر الْأُمَرَاء ذَلِك وأمسكوا قبضات سيوفهم ونظروا فِي وَجه السُّلْطَان حَتَّى تحققوه فقبلوا لَهُ الأَرْض وسَاق السُّلْطَان إِلَى ميدان الْعِيد وَعَاد إِلَى القلعة وَأقَام بَقِيَّة يَوْم الْخَمِيس وَيَوْم الْجُمُعَة وَلعب بالكرة يَوْم السبت. وَتوجه يَوْم الْأَحَد إِلَى مصر وَرمي الرِّجَال بالشواني قدامه وَركب فِي الحراريق وَعَاد إِلَى القلعة فَلَمَّا كَانَ لَيْلَة الْإِثْنَيْنِ خَامِس عشري شعْبَان ركب السُّلْطَان خيل الْبَرِيد من القلعة وَعَاد إِلَى مُعَسْكَره بخربة اللُّصُوص. وَأما مَا جري فِي معسكر السُّلْطَان بالخربة فَإِن الْأَمِير شمس الدّين الفارقاني لما أصبح وَقد فَارق السُّلْطَان الدهليز أظهر الْأُمَرَاء أَن السُّلْطَان مُنْقَطع لضعف حصل لَهُ واستدعى الْأَطِبَّاء وسألهم عَمَّا يصلح للمتوعك الَّذِي يشكو صداعا وخدرا وعطشا وأوهمهم أَن السُّلْطَان يشكو دلك فوضعوا لَهُ مَا يُوَافق. وَأمر الْأَمِير شمس الدّين الشَّرَاب دارية فاحضروا الشَّرَاب وَدخل إِلَى الدهليز بِنَفسِهِ ليوهم الْعَسْكَر صِحَة ذَلِك إِلَى أَن وصل لَيْلَة الْجُمُعَة تَاسِع عشريه إِلَى قرب الدهليز فَأمر السُّلْطَان الأيدمري وجرمك بالتوجه إِلَى خيامهما وَأخذ على يَده جراب الْبَرِيد وَفِي كَفه فوطة ومشي على قَدَمَيْهِ إِلَى جِهَة الحراس فمانعه حارس وَأمْسك طوقه فانجذب مِنْهُ السُّلْطَان وَدخل بَاب الدهليز. وَبَات السُّلْطَان فَلَمَّا أصبح أحضر الْأُمَرَاء وأعلمهم أَنه كَانَ متغير المزاج وَركب فَضربت البشائر لعافية السُّلْطَان ومشي كل مَا وَقع على الْعَسْكَر وَلم يعلم بِهِ سوي الأتابك والأستادار والدوادار وخواص الجامدارية وَكَانَت فِي هَذِه الْمدَّة ترد المكاتبات وتكتب أجوبتها كَمَا رتب السُّلْطَان وَالْأَحْوَال جَمِيعهَا مَاشِيَة كَأَنَّهُ حَاضر لم يخْتل شَيْء من الْأُمُور وَقصد بِمَا فعل أَن يكْشف حَال مَمْلَكَته وَيعرف أَحْوَال ابْنه الْملك السعيد فِي مصر فتم لَهُ مَا أَرَادَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute