وَلما خرج السُّلْطَان من الدهليز مشي إِلَى الْجِهَة الَّتِي وَاعد آقسنقر الساقي إِلَيْهَا وَكَانَ قبل ذَلِك قد أَقَامَ هُنَاكَ أَرْبَعَة أرؤس من الْخَيل سَيرهَا مَعَ الْأَمِير بهاء الدّين أَمِير أخور وَأمره أَن يقف بهَا فِي مَكَان فَأخذ أقسنقر الْخَيل وسير بهاء الدّين أَمِير آخور إِلَى التل فَوجدَ الأيدمري ورفقته فَصَارَ إِلَيْهِم السُّلْطَان وَاخْتَلَطَ بهم فِي السُّوق وهم لَا يعرفونه فَلَمَّا طَال سوقهم قَالَ السُّلْطَان للأيدمري: تعرفنِي فَقَالَ: إِي وَالله وَأَرَادَ أَن ينزل عَن فرسه ليقبل الأَرْض فَمَنعه. وَقَالَ السُّلْطَان لجرمك: تعرفنِي فَقَالَ: إيش هَذَا يَا خوند فَقَالَ لَهُ: لَا تَتَكَلَّم. وَكَانَ مَعَهم الْأَمِير علم الدّين شقير مقدم البريدية فَصَارَت جُمْلَتهمْ خَمْسَة أنفس وَمَعَهُمْ أَرْبَعَة جنائب من خيل السُّلْطَان الْخَاص فساقوا إِلَى الْقصير المعيني ووافوه نصف اللَّيْل فَدخل السُّلْطَان إِلَى الْوَالِي ليَأْخُذ فرسه فَقَامَ إِلَيْهِ بِنَحْوِ خمسين رَاجِلا إِلَيْهَا وَقَالَ: الضَّيْعَة ملك السُّلْطَان مَا يقدر أحد يَأْخُذ مِنْهَا فرسا تروحوا وَإِلَّا قتلناكم. فَتَرَكُوهُ وَسَاقُوا إِلَى بيسان وَأتوا دَار الْوَالِي وَقَالُوا: نُرِيد خيلا للبريد فأنزلهم وَقعد السُّلْطَان عِنْد رجْلي الْوَالِي وَهُوَ نَائِم ثمَّ الْتفت إِلَى الأيدمري وَقَالَ: الْخَلَائق على بَابي وَأَنا على هَذَا الْوَالِي لَا يلْتَفت إِلَيّ وَلَكِن الدُّنْيَا نوبات. وَطلب السُّلْطَان من الْوَالِي كوزا فَقَالَ: مَا عندنَا كوز إِن كنت عطشان أخرج واشرب من برا فأحضر إِلَيْهِ الأيدمري كرازا شرب مِنْهُ. وركبوا وصبحوا بجينين فوجدوا بهَا خيلا للبريد عرجا معقرة فَركب السُّلْطَان مِنْهَا فرسا لم يكد يثبت عَلَيْهِ من رَائِحَة عقوره. وَسَارُوا فَلَمَّا نزلُوا تل العجول بَقِي كل مِنْهُم ماسكا فرسه فَلَمَّا وصلوا إِلَى الْعَريش قَامَ السُّلْطَان والأمير جرمك ونقيا الشّعير وَقَالَ السُّلْطَان لجرمك: ابْن السلطة والأستادار وأمير جاندار وَأَيْنَ الْخلق الْوُقُوف فِي الْخدمَة هَكَذَا تخرج الْمُلُوك من ملكهم وَمَا يَدُوم إِلَّا الله سُبْحَانَهُ. وَلم يبْق مَعَهم من الجنائب الْأَرْبَعَة إِلَّا الَّذِي على يَد السُّلْطَان يَقُودهُ وَوصل مَعَه إِلَى الصالحية وصعدوا إِلَى القلعة لَيْلَة الثُّلَاثَاء الثُّلُث الأول من اللَّيْل فأوقفهم الحراس حَتَّى شاوروا الْوَالِي وَنزل السُّلْطَان فِي بَاب الإسطبل وَطلب أَمِير آخور وَكَانَ قد رتب مَعَ زِمَام الْأَمر أَلا يبيت إِلَّا خلف بَاب السِّرّ فدق السُّلْطَان بَاب السِّرّ وَذكر للزمام العلائم الَّتِي بَينه وَبَينه فَفتح الْبَاب وَدخل السُّلْطَان ورفقته. وَأَقَامُوا يَوْم الثُّلَاثَاء وَالْأَرْبِعَاء وَلَيْلَة الْخَمِيس الْحَادِي وَالْعِشْرين من شعْبَان وَلَا يعلم بالسلطان أحد إِلَّا الزِّمَام فَقَط وَصَارَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute