عَن السُّلْطَان وَكتب لَهُ بأملاكه الَّتِي كَانَت بِالشَّام على أَن تكون مصياف وبلادها خَاصّا للسُّلْطَان. وَبعث السُّلْطَان مَعَه نَائِبا بمصياف وَهُوَ الْأَمِير بدر الدّين العديمي أحد مفاردة الشَّام وجرد مَعَه جمَاعَة من شيزر وَغَيرهَا فَلَمَّا وصلوا إِلَى مصياف امْتنع أَهلهَا من تَسْلِيمهَا لصارم الدّين وَقَالُوا: لَا نسلمها إِلَّا لنائب السُّلْطَان فَقَالَ العديمي: أَنا نَائِب السُّلْطَان. فَلَمَّا فتحُوا هجم صارم الدّين عَلَيْهِم وَقتل مِنْهُم جمَاعَة وتسلم الْحصن فِي نصف رَجَب فَلم يجد نجم الدّين وَولده بدا من الدُّخُول فِي الطَّاعَة فسألا فِي الْحُضُور فأجيبا وَحضر نجم الدّين حسن وعمره تسعون سنة فرق لَهُ السُّلْطَان وولاه النِّيَابَة شَرِيكا لصارم الدّين بن الرضي وَقرر عَلَيْهِ حمل مائَة وَعشْرين ألف دِرْهَم نقرة فِي كل سنة وَتوجه نجم الدّين وَترك ابْنه شمس الدّين فِي الْخدمَة. وتقرر على صارم الدّين بن مبارك بن الرضي فِي كل سنة ألفا دِينَار فَصَارَت الإسماعيلية يؤدون المَال بعد مَا كَانُوا يجبونَ من مُلُوك الأَرْض القطائع. ثمَّ رَحل السُّلْطَان من حصن الأكراد إِلَى دمشق فَدَخلَهَا فِي ثامن عشريه وَقدم الْخَبَر بِأَن الفرنسيس وعدة من مُلُوك الفرنج قد ركبُوا الْبَحْر وَلَا يعلم قصدهم فاهتم السُّلْطَان بالثغور والشواني وَسَار إِلَى مصر فَدَخلَهَا فِي ثَانِي شَوَّال. وَفِيه تمت عمَارَة الْجَامِع الظَّاهِرِيّ بالحسينية خَارج الْقَاهِرَة فرتب السُّلْطَان أوقافه وَجعل خَطِيبه حَنَفِيّ الْمَذْهَب ووقف عَلَيْهِ حكر مَا وَفِي هَذِه السّنة: قتل الشريف إِدْرِيس بن قَتَادَة بخليص بعد أَن ولي مَكَّة مُنْفَردا أَرْبَعِينَ يَوْمًا فاستبد ابْن أَخِيه أَبُو نمي بإمرة مَكَّة وَحده. وفيهَا مَاتَ الطواشي جمال الدّين محسن الصَّالِحِي النجمي شيخ الخدام بِالْمَسْجِدِ النَّبَوِيّ. وفيهَا تنكر الخان منكوتمر بن طغان ملك التتر بِبِلَاد الشمَال على الأشكري ملك قسطنطنية فَبعث الخان جَيْشًا من التتر حَتَّى أَغَارُوا على بِلَاده وحملوا عز الدّين كيقباد بن كيخسرو وَكَانَ مَحْبُوسًا كَمَا تقدم فِي القلعة وَسَارُوا بِهِ وبأهله إِلَى منكوتمر فَأكْرمه وزوجه وَأقَام مَعَه حَتَّى مَاتَ فِي سنة سبع وَسبعين فَسَار ابْنه مَسْعُود ابْن عز الدّين وَملك بِلَاد الرّوم كَمَا سَيَأْتِي ذكره إِن شَاءَ الله. وفيهَا انقرضت دولة بني عبد الْمُؤمن بقتل الواثق أبي الْعَلَاء إدريسي الْمَعْرُوف بِأبي دبوس بن عبد الله بن يَعْقُوب بن يُوسُف بن عبد الْمُؤمن بن عَليّ فِي محرم