ركب بِمن حضر مَعَه إِلَى دمشق وَأصْبح رَاكِبًا فِي موكبه. وَفِي مُدَّة غيبته كَانَ الْأَمِير سيف الدّين الدوادار يرتب الْأُمُور بِدِمَشْق وَيكْتب الْأَجْوِبَة على علائم فَوق أوراق بيض. وَفِيه فر الْأَمِير شمس الدّين بهادر بن الْملك فرج من التتار إِلَى السُّلْطَان بيبرس. وَكَانَ الْملك فرج فِي أول أمره أَمِير طشت السُّلْطَان جلال الدّين خوارزم شاه وَكَانَ لَهُ سميساط وَبعد وَفَاة جلال الدّين سلك قلعة كيران وعدة قلاع بِنَاحِيَة تقجوان ثمَّ وصل الْملك فرج هَذَا إِلَى بِلَاد السلاجقة الرّوم فَقطع بهَا نَاحيَة أفصرا. وَكَانَ بهادر قد كَاتب السُّلْطَان بيبرس وراسله وتقرب إِلَيْهِ بإعلامه بحقيق أَخْبَار الْعَدو فَعلم بِهِ التتار فأمسكوه وَحَمَلُوهُ إِلَى الأردو فهرب وَحضر إِلَى البيرة وَوصل إِلَى دمشق وَبهَا الْملك الظَّاهِر فَأكْرمه وَأَعْطَاهُ بِمصْر إمرة عشْرين فَارِسًا. وَخرج السُّلْطَان من دمشق إِلَى مصر فَدخل قلع الْجَبَل فِي رَابِع عشري جُمَادَى الْآخِرَة. فتواترت الْأَخْبَار بحركة التتار فرسم للأمير عيسي بن مهنا أَمِير الْعَرَب بالغارة فَأَغَارَ وَوصل إِلَى الأنبار فِي ثامن عشر شعْبَان فَظن التتار أَن السُّلْطَان قد قدم فَانْهَزَمُوا إِلَى أبغا فَرجع إِلَى بِلَاده. وَفِي شهر رَمَضَان: رسم للعسكر بالتأهب للعب القبق وَرمي النشاب فيكب من كل عشرَة فارسان فِي أحسن زيهم وَقت الْحَرْب وَركب السُّلْطَان فِي مماليكه ودخلوا فِي الطعْن بِالرِّمَاحِ ثمَّ أَخذ السُّلْطَان الْحلقَة وَرمى النشاب وَجعل لمن أصَاب من الْأُمَرَاء فرسا من خيله الْخَاص بتشاهيره وقلسلقة والبحرية بغلطاق. فاستمر ذَلِك أَيَّامًا تَارَة يكون اللّعب فِيهَا بِالرُّمْحِ وَتارَة بالنشاب وَتارَة بالدبابيس وَفرق السُّلْطَان فِيهَا من الْخَيل والبغالطق جملَة. وسَاق السُّلْطَان يَوْمًا عَادَته فِي اللّعب وسل سَيْفه فسلت مماليكه سيوفها وَحمل هُوَ ومماليكه الْخَواص حَملَة وَحمل وَاحِد واصطدموا فَكَانَ منْظرًا مهولا وَأطلق السُّلْطَان من التشاريف مَا عَم بِهِ سَائِر من فِي خدمته: من ملك وأمير ووزير ومقدمي الْحلقَة والبحرية ومقدمي المماليك والمفردية ومقدمي البيوتات السُّلْطَانِيَّة وكل صَاحب شغل وَجَمِيع الْكتاب والقضاة وَسَائِر أَرْبَاب الْوَظَائِف. وَفِي يَوْم عيد الْفطر: ختن الْأَمِير نجم الدّين خضر ابْن السُّلْطَان وعده من أَوْلَاد الْأُمَرَاء وجري السُّلْطَان على عَادَته فِي عدم تَكْلِيف النَّاس فَلم يقبل من أحد هَدِيَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute