للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

سنة خمس وَثَمَانِينَ وسِتمِائَة فِي ثَانِي الْمحرم: سَار الْأَمِير حسام الدّين طرنطاي نَائِب السلطنة بعسكر كثيف إِلَى الكرك فَتَلقاهُ عَسْكَر دمشق صُحْبَة الْأَمِير بدر الدّين الصوابي فَتوجه مَعَه إِلَيْهَا وضايقها وَقطع الْميرَة عَنْهَا حَتَّى بعث الْملك المسعود خضر ابْن الظَّاهِر بيبرس يطْلب الْأمان. فَبعث إِلَيْهِ السُّلْطَان الْأَمِير ركن الدّين بيبرس الدوادار من قلعة الْجَبَل بالأمان فَنزل الْملك المسعود وَأَخُوهُ بدر الدّين سلامش إِلَى الْأَمِير طرنطاي فِي خَامِس صفر. وَاسْتقر الْأَمِير عز الدّين أيبك الْموصِلِي نَائِب الشوبك فِي نِيَابَة الكرك. ووردت الْبشَارَة بِأخذ الكرك إِلَى قلعة الْجَبَل فِي ثامنه. وَقدم الْأَمِير طرنطاي بأولاد الظَّاهِر إِلَى الْقَاهِرَة فَخرج السُّلْطَان إِلَى لِقَائِه فِي ثَانِي عشر ربيع الأول. وَأكْرم السُّلْطَان الْملك المسعود وسلامش وَأمر كل مِنْهُمَا إمرة مائَة فَارس وصارا يركبان فِي الموكب والميادين ورتبا يركبان مَعَ الْملك الصَّالح عَليّ. وَفِيه قدم رَاجِح وَزِير أبي نمي يشكو من الباشقردي ويتعذر عَن تَأَخّر حُضُوره فَقبل السُّلْطَان عذره وَطلب مِنْهُ خجرة وَضَربا للسُّلْطَان ووعد بإرسال ثمنهَا إِلَيْهِ. وَفِي يَوْم الْخَمِيس رَابِع عشر صفر: حصل وَقت الْعَصْر بِنَاحِيَة الغسولة من مُعَاملَة مَدِينَة حمص أَمر غَرِيب: وَهُوَ أَن سَحَابَة سَوْدَاء أرعدت رعداً شَدِيدا وَخرج مِنْهَا دُخان أسود اتَّصل بِالْأَرْضِ على هَيْئَة ثعبان فِي ثخن العمود الْكَبِير الَّذِي لَا يحضنه إِلَّا عدَّة من الرِّجَال رَأسه فِي عنان السَّمَاء وذنبه يلْعَب فِي الأَرْض شبه الزوبعة الهائلة. وَصَارَ يحمل الْأَحْجَار الْكِبَار ويرفعها فِي السَّمَاء مثل رمية سهم وأزيد فَتَقَع على الأَرْض وتصدم بَعْضهَا بَعْضًا فَيسمع لَهَا أصوات مرعبة وتبلغ من هُوَ عَنْهَا بِبَعِيد. واتصل ذَلِك بأطراف الْعَسْكَر الْمُجَرّد بحمص وَعَلِيهِ الْأَمِير بدر الدّين بكتوت العلائي وهم زِيَادَة على ألفي فَارس فَمَا مر بِشَيْء إِلَّا رَفعه فِي الْهَوَاء كرمية سهم وَأكْثر: فَحمل السُّرُوج والجواشن وآلات الْحَرْب وَسَائِر الثِّيَاب وَحمل خرجا من أَدَم فِيهِ تطاببق ندال للخيل من حَدِيد حَتَّى علا رمية سهم وَرفع الْجمال بأحمالها حَتَّى ارْتَفَعت قدر رمح عَن الأَرْض وَحمل كثيرا من الْجند والغلمان فَتلف شَيْء كثير جدا. ثمَّ غَابَ الثعبان وَقد توجه فِي الْبَريَّة نَحْو الْمشرق وَوَقع بعده مطر.

<<  <  ج: ص:  >  >>