للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَكَانَت مُدَّة حِصَار عكا أَرْبَعَة وَأَرْبَعين يَوْمًا، وَاسْتشْهدَ من الْمُسلمين الْأَمِير عَلَاء الدّين كشتغدى الشمسى وَدفن بجلجولية، وَعز الدّين أيبك الْعُزَّى نقيب العساكر، وَسيف الدّين أقش الغتمى، وَبدر الدّين بيليك المَسْعُودِيّ، وَشرف الدّين قيران السكزي، وَأَرْبَعَة من مقدمى الْحلقَة وَجَمَاعَة من الْعَسْكَر. وَفِي يَوْم السبت ثامن عشرَة: وَقع الْهدم فِي مَدِينَة عكا، فهدمت الأسوار والكنائسي وَغَيرهَا وَحرقت، وَحمل كثير من الأسرى بهَا إلحصون الإسلامية. وَفتحت صور وحيفا وعثليت وَبَعض صيدا بِغَيْر قتال، وفر أَهلهَا خوفًا على أنفسهم، فتسلمها الْأَمِير علم الدّين سنجر الشجاعي فِي بَقِيَّة جمادي الأولى، فَقدمت البشائر بِتَسْلِيم مَدِينَة صور فِي تَاسِع عشرَة، وبتسليم صيدا فِي الْعشْرين مِنْهُ، وَأَن طَائِفَة من الفرنج عصوا فِي برج مِنْهَا، فَأمر السُّلْطَان بهدم صور وصيدا وعثليث وحيفاً، فَتوجه الْأَمِير شمس الدّين نبا الجمقدار ابْن الجمقدار فِي حادي عشرِيَّة لهدم صور، وَاتفقَ أَمر عَجِيب: وَهُوَ أَن الفرنج لما قدمُوا إِلَى صور كَانَ بهَا عز الدّين نبا والياً عَلَيْهَا من قبل المصريين، فَبَاعَ صور للفرنج بِمَال، وَصَارَ إِلَى دمشق، فَقدر الله خرابها على يَد الْأَمِير شمس الدّين نبا بن الجمقدار وَاتفقَ أَيْضا أَن الشَّيْخ [شرف الدّين] البوصيري رأى فِي مَنَامه قبل أَن يخرج الْأَشْرَف إِلَى عكا قَائِلا ينشده:

(قد أَخذ الْمُسلمُونَ عكا ... وأشبعوا الْكَافرين صكا)

(وسَاق سلطاننا إِلَيْهِم ... خيلا تدك الْجبَال دكا)

(وَأقسم التّرْك مُنْذُ سَارَتْ ... لَا تركُوا للفرنج ملكا)

فَأخْبر بذلك جمَاعَة، ثمَّ سَار الْأَشْرَف بعد ذَلِك وَفتح عكا وخربها، لم يدع فِي بَقِيَّة السَّاحِل أحدا من الفرنج، وَقَالَ محيى الدّين بن عبد الظَّاهِر فِي ذَلِك:

<<  <  ج: ص:  >  >>