للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(يَا بني الْأَصْفَر قد حل بكم ... نقمة الله الَّتِي لَا تنفصلل)

(قد نزل الْأَشْرَف فِي ساحلكم ... فأبشروا مِنْهُ بصفع مُتَّصِل)

وَقد أَكثر الشُّعَرَاء فِي ذكر هَذَا الْفَتْح، وَقَالَ الشهَاب مَحْمُود الْحلَبِي كَاتب الْإِنْشَاء لما عاين فِي جَوَانِب عكا، وَقد تساقطت أَرْكَانهَا:

(مَرَرْت بعكا بعد تخريب سورها ... وزند أوار النَّار فِي وَسطهَا وارى)

(وعاينتها بعد التنصر قد غَدَتْ ... مَجُوسِيَّة الأبراج تسْجد للنار)

وَقَالَ ابْن ضَامِن الضبع بعكا:

(أدْمى الْكَنَائِس إِن تكن عبثت بكم ... شم الأنوف جحاجح أبطال)

(فلطالما سجدت لَكِن فوارض ... اللَّيَالِي أَو تغير حَال)

(فعزاء عَن هَذَا الْمُصَاب فَإِنَّهُ ... يَوْم بِيَوْم والحروب سِجَال)

(هَذَا بِذَاكَ وَلَا تغير دَهْرنَا ... وَلكُل دهر دولة وَرِجَال)

وَفِي هَذِه الْمدَّة وشى الْأَمِير علم الدّين سنجر الحموى الْمَعْرُوف بأبى خرص إِلَى السُّلْطَان بالأمير حسام الدّين لاجين نَائِب الشَّام، ثمَّ أوهم لاجين بِأَن السُّلْطَان يُرِيد الْقَبْض عَلَيْهِ، فَركب لاجين من الوطاق بعكا لَيْلًا يُرِيد الْفراء، فساق خَلفه الْأَمِير علم الدّين سنجر الدواداري وأدركه، وَقَالَ لَهُ: ((يَا الله لَا تكن السَّبَب فِي هَلَاك الْمُسلمين، فَإِن النَّاس قد أشرفوا على أَخذ عكا، وَإِن بلغ الفرنج فرارك، وَأَن الْعَسْكَر قد ركب خَلفك قويت نُفُوسهم وفتر الْحصار)) فَرجع مَعَه وَظن أَن الْأَمر لَا يبلغ السُّلْطَان، وَكَانَ ذَلِك فِي ثامن جمادي الأولى، فَلَمَّا كَانَ فِي صَبِيحَة هَذِه اللَّيْلَة خلع السُّلْطَان عَلَيْهِ وَطيب خاطره، ثمَّ قبض عَلَيْهِ فِي ثَانِي يَوْم الخلعة، وَبَعثه إِلَى قلعة صفد ثمَّ حمل إِلَى قلعة الْجَبَل بِمصْر. ورحل السُّلْطَان إِلَى دمشق، فَدَخلَهَا فِي ثَانِي عشر جمادي الْآخِرَة، وَقد زَيْنَب دمشق مُنْذُ فتحت عكا فَكَانَ يَوْمًا عَظِيما. وَفِيه اسْتَقر الْأَمِير علم الدّين سنجر الشجاعي فِي نِيَابَة دمشق، وَزَاد السُّلْطَان فِي إقطاعه وراتبه عَمَّا كَانَ لنواب الشَّام، وَأذن لَهُ ان يُطلق من الخزائن مَا أَرَادَ من غير مُشَاورَة، وَجعل لَهُ فِي كل يَوْم ثَلَاثمِائَة دِرْهَم على دَار الطّعْم، وَاسْتقر أَيْضا الْأَمِير

<<  <  ج: ص:  >  >>