بغراس ونزلوا بمرج أنطاكية ثَلَاثَة أَيَّام ثمَّ رحلوا إِلَى جسر الْحَدِيد يُرِيدُونَ الْعود إِلَى مصر. وَكَانَ الْأَمِير بكتاش لما نازعه الدواداري فِي التقدمة على العساكر وَمنعه من الْحصار قد كتب إِلَى الْأَمِير بلبان الطباخي نَائِب حلب بذلك ليطالع بِهِ السُّلْطَان فَكتب بالْخبر إِلَى السُّلْطَان. فورد الْجَواب إِلَى الْأُمَرَاء بالإنكار على الدواداري فِي تقدمه على الْأَمِير بكتاش وَكَونه اقْتصر على الْغَارة وَإنَّهُ لم يخرج إِلَّا على مضافيه وَأَن التقدمة على سَائِر العساكر للأمير بكتاش وَأَن العساكر لَا ترجع إِلَّا بعد فتح تل حمدون وَإِن عَادَتْ من غير فتحهَا فَلَا إقطاع لَهُم بالديار المصرية. فَعَادَت العساكر من الروج إِلَى حلب وَأَقَامُوا بهَا ثَمَانِيَة أَيَّام وتوجهوا إِلَى سيس من عقبَة بغراس. وَسَار كجكن وقرا أرسلان إِلَى أياس وعادا شبه المنهزم فَإِن الأرمن أكمنوا فِي الْبَسَاتِين فَأنْكر عَلَيْهِمَا الْأَمِير بكتاش فاعتزرا بِضيق المسلك والتفاف الْأَشْجَار وَعدم التَّمَكُّن من الْعَدو. ثمَّ رَحل بكتاش بِجَمِيعِ العساكر إِلَى تل حمدون فوجدوها خَالِيَة وَقد نزح من كَانَ فِيهَا من الأرمن إِلَى قلعة نجيمة فتسلمها فِي سَابِع رَمَضَان وَأقَام بهَا من يحفظها وسير الْأَمِير بلبان الطباخي نَائِب حلب عسكرا فملكوا قلعة مرعش فِي رَمَضَان أَيْضا. وَجَاء الْخَبَر إِلَى الْأَمِير بكتاش وَهُوَ على تل حمدون بِأَن وَاديا تَحت قلعة نجيمة وحميص قد امْتَلَأَ بالأرمن وَأَن أهل قلعة نجيمة تحميهم فَبعث طَائِفَة من الْعَسْكَر إِلَيْهِم فَلم ينالوا غَرضا فسير طَائِفَة ثَانِيَة فَعَادَت بِغَيْر طائل. فَسَار الْأُمَرَاء فِي عدَّة وافرة وقاتلوا أهل نجيمة حَتَّى ردوهم إِلَى القلعة وزحفوا على الْوَادي وَقتلُوا وأسروا من فِيهِ ونازلوا قلعة نجيمة لَيْلَة وَاحِدَة وَسَار الْعَسْكَر إِلَى الْوَطْأَة وَبَقِي الْأَمِير بكتاش وَالْملك المظفر فِي مُقَابلَة من بالقلعة خشيَة أَن يخرج أهل نجيمة فينالوا من أَطْرَاف الْعَسْكَر حَتَّى صَار الْعَسْكَر بالوطأة ثمَّ اجْتَمعُوا بهَا. فَقدم الْبَرِيد من السُّلْطَان بمنازلة قلعة نجيمة حَتَّى تفتح فعادوا إِلَى حصارها وَاخْتلف الْأَمِير بكتاش والأمير سنجر الدواداري على قتالها فَقَالَ الدواداري: مَتى نازلها الْجَيْش بأسره لَا يعلم من قَاتل مِمَّن عجز وتخاذل والرأي أَن يُقَاتل كل يَوْم أَمِير بألفه. وَأخذ يدل بشجاعته ويصغر شَأْن القلعة وَقَالَ: أَنا آخذها فِي حجري فَسَلمُوا لَهُ وَاتَّفَقُوا على تَقْدِيمه لقتالها قبل كل أحد. فَتقدم الدواداري إِلَيْهَا بألفه حَتَّى لاحف السُّور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute