ثمَّ إِن الْأَمِير سيف الدّين بكتمر السِّلَاح دَار والأمير فَارس الدّين ألبكي والأمير سيف الدّين عزاز اجْتَمعُوا وركبوا من ليلتهم يُرِيدُونَ حمص ولقاء الْأَمِير قبجق فَخرج قبجق إِلَى لقائهم وَاتَّفَقُوا على العبور إِلَى بِلَاد غازان فأمهلهم قبجق حَتَّى يرد عَلَيْهِ جَوَاب الْأُمَرَاء من مصر فنزلوا مَعَه. وَقدم جَوَاب قبجق من كرجي وطغجي أَنهم عَن قريب يقضون الشّغل فَليقمْ بموضعه حَتَّى الْخَبَر فَلم يُوَافقهُ الْأُمَرَاء على الْإِقَامَة خوفًا من مَجِيء العساكر إِلَيْهِم وَسَارُوا لَيْلَة الثُّلَاثَاء من ربيع الآخر وقصدوا سلمية. وَكَانَ الْأَمِير قبجق لما قدم عَلَيْهِ الْأُمَرَاء من حلب قد بعث على الْبَرِيد الْأَمِير سيف الدّين بلغاق بن كونجك الْخَوَارِزْمِيّ إِلَى السُّلْطَان يُعلمهُ حُضُور الْأُمَرَاء إِلَيْهِ وَيسْأل الْأمان لَهُم وتطييب خواطرهم. ثمَّ سَار الْأَمِير قبجق من حمص لَيْلَة السبت خَامِس ربيع الأول وَبعث عَلَاء الدّين بن الجاكي إِلَى دمشق يَسْتَدْعِي من الْأَمِير جاغان مَالا وخلعا من الخزانة للنَّفَقَة على الْأُمَرَاء وتطييب خواطرهم فَامْتنعَ جاغان من ذَلِك وَكتب يلومه على إغفاله الْقَبْض عَلَيْهِم وَكتب إِلَيْهِ أَيْضا أيدغدي شقير وَسيف الدّين كجكن بالإنكار وَأَنه إِن لم يقبض عَلَيْهِم ركبُوا عَلَيْهِ وقبضوه فزاده ذَلِك نفوراً. وَتبين لعسكر دمشق مُخَالفَة قبجق فتسللوا عَنهُ طَائِفَة بعد طَائِفَة وعادوا من حمص إِلَى دمشق فشكرهم جاغان على مفارقتهم إِيَّاه فَبَقيَ قبجق فِي قلَّة من المَال وَالرِّجَال. وَأما أهل حلب فَإِن الْأُمَرَاء لما شاروا فِي اللَّيْل ركب من بكرَة النَّهَار أيدغدي شقير وحمدان بن طغان والأمراء الحسامية إِلَى نَائِب حلب وبطقوا إِلَى الْأَعْمَال بِالْقَبْضِ على الْأُمَرَاء وَتوجه أيدغدي شقير فِي عَسْكَر إِلَى جِهَة الْفُرَات وَسَار عَسْكَر إِلَى جِهَة حماة ونهبت أثقال الْأُمَرَاء. فورد الْخَبَر بوصولهم إِلَى قبجق نَائِب دمشق وَأَنَّهُمْ سَارُوا على طَرِيق سلمية فَقَامَ العزاء والنواح بحلب. وَخرج الْعَسْكَر فِي طَلَبهمْ نَحْو الْفُرَات وأوقع جاغان الحوطة بِدِمَشْق على بَيت قبجق فِي خَامِس عشره وتكامل مَجِيء الْعَسْكَر الَّذِي كَانَ مَعَ قبجق فِي سَابِع عشره. وانْتهى سيف الدّين كجكن وأيدغدي شقير إِلَى الْفُرَات فوجدا الْأُمَرَاء قد قطعُوا الْفُرَات إِلَى رَأس عين فورد الْخَبَر إِلَى حلب بقتل السُّلْطَان ونائبه منكوتمر فَركب سيف الدّين بلبان البريدي وَلحق الْأَمِير قبجق بِرَأْس عين وأعلمه بذلك فَظن أَنَّهَا حِيلَة عَلَيْهِ وَلم يرجع.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute