وَضرب السُّلْطَان على كتفه فَالْتَفت السُّلْطَان يُرِيد بالنمجاه فَلم يجدهَا فَقبض على كرجي وألقاه إِلَى الأَرْض فَضرب نوغاي رجل السُّلْطَان بالمنجاه فَقطع رجله. وانقلب السُّلْطَان على ظَهره فَأَخَذته السيوف من كل جَانب حَتَّى صَار كوم لحم وفر ابْن الْعَسَّال إِلَى خزانَة وصرخ القَاضِي حسام الدّين: لَا يحل هَذَا لكم فهم بِهِ كرجي ثمَّ كَفه الله عَنهُ. وَخرج كرجي وأغلق الْبَاب على الْمَقْتُول وَالْقَاضِي فَإِذا بالأمير طغجي قد استعد وَقعد فِي عدَّة من البرجية بداركاه القلعة ينْتَظر مَا يكون من كرجي. فعندما رَآهُ طغجي قَالَ: قضيت الشّغل قَالَ: نعم وأعلمه الْخَبَر. فَوَقع الصَّوْت فِي القلعة بقتل السُّلْطَان وطار من وقته إِلَى الْمَدِينَة. فَركب الْأَمِير جمال الدّين قتال السَّبع فِي عدَّة من الْأُمَرَاء إِلَى خَارج الْمَدِينَة وَوَقعت الصرخة تَحت القلعة فَركب أَكثر الْعَسْكَر. وَأما طغجي فَإِنَّهُ استدعى بَقِيَّة الْأُمَرَاء المقيمين بالقلعة وَبسط بَاب الْقلَّة. فَلم يشْعر منكوتمر وَهُوَ بدار النِّيَابَة إِلَّا بالصرخة قد قَامَت وَبَاب القله قد فتح والأمراء قد اجْتمعت والشموع توقد والضجيج يزْدَاد. فَفطن منكوتمر بقتل السُّلْطَان وأغلق الْأَبْوَاب وألبس مماليكه فَصَارَ فِي أَرْبَعمِائَة ضَارب سيف وأزيد وَلَكِن الله خذله فَجَاءَهُ الحسام أستادار وعرفه من تَحت الشباك بقتل السُّلْطَان وتلطف بِهِ حَتَّى خرج إِلَيْهِ وَسَار مَعَه إِلَى بَاب الْقلَّة فَقبل يَد طغجي. فَقَامَ إِلَيْهِ طغجي وَأَجْلسهُ ثمَّ أَمر بِهِ أَن يمضى إِلَى الْجب فَأخذ وأرخي فِيهِ فَقَامَ إِلَيْهِ الْأَمِير شمس الدّين سنقر الأعسر والأمير عز الدّين أيبك الْحَمَوِيّ نَائِب الشَّام وَغَيرهمَا مِمَّن كَانَ بالجب وَلما عاينوه أَنْكَرُوا ذَلِك فَقَالَ منكوتمر: قد غضب على السُّلْطَان وَحلف أَن يحبسني وَقصد بذلك دفعهم عَنهُ لِئَلَّا يقتلوه. فَلم يكن غير بعض سَاعَة إِلَّا وَقد أرخيت القفة من رَأس الْجب وصاحوا على منكوتمر فَقَامَ وَجلسَ بهَا وَفِي ظن أهل الْجب أَن السُّلْطَان قد رَضِي عَنهُ. فعندما صَار بِرَأْس الْجب وجد كرجي وَاقعا فِي طَائِفَة من المماليك فَضَربهُ كرجي بلت من حَدِيد صرعه وذبحه عِنْد الْجب وَانْصَرف وَذَلِكَ أَنه لما حضر منكوتمر إِلَى طغجي لم يكن كرجي حَاضرا فَلَمَّا بلغه مَجِيئه أقبل يُريدهُ فَأعْلم أَنه فِي الْجب فصاح على الْأُمَرَاء فَقَالَ: إيش عمل بِي السُّلْطَان حَتَّى قتلته وَالله لقد أحسن إِلَيّ وكبرني وأنشأني وَلَو علمت أَنِّي إِذا قتلت منكوتمر يبقيني بعده وَالله مَا قتلته. وَمَا أحوجني أَقتلهُ إِلَّا مَا كَانَ يَقع من منكوتمر وَمضى مسرعاً إِلَى الْجب حَتَّى قَتله ونهبت دَاره.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute