للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يخونون الْملك المظفر وَلَا ينْصرُونَ الْملك النَّاصِر وَأَن نَائِب حلب وَغَيره من النواب قد دخلُوا فِي طَاعَة الْملك النَّاصِر. فَلَمَّا قَرَأَ الْملك المظفر كتاب نَائِب الشَّام اضْطربَ وَزَاد قلقه. فورد كتاب الْأَمِير برلغي من العباسة بِأَن مماليك الْأَمِير جمال الدّين أقوش الرُّومِي تجمعُوا عَلَيْهِ وقتلوه وَسَارُوا وَمَعَهُمْ خزائنه إِلَى الْملك النَّاصِر وَأَنَّهُمْ لحق بهم بعض أُمَرَاء الطبلخاناه فِي جمَاعَة من مماليك الْأُمَرَاء وَقد فسد الْحَال والرأي أَن يخرج السُّلْطَان بِنَفسِهِ. فَأخْرج المظفر تجريدة أُخْرَى فِيهَا عدَّة من الْأُمَرَاء وهم بشاش وبكتوت الفتاح وَكثير من البرجية وَبعث إِلَى برلغي ألفي دِينَار ووعده بِأَنَّهُ عازم على التَّوَجُّه إِلَيْهِ بِنَفسِهِ. فَلَمَّا ورد كتاب الْملك المظفر بذلك وبقدوم التجريدة إِلَيْهِ عزم على الرحيل من الْغَد إِلَى جِهَة الكرك. فَلَمَّا كَانَ اللَّيْل رَحل كثير مِمَّن مَعَه يُرِيدُونَ الْملك النَّاصِر فَكتب إِلَى السُّلْطَان بِأَن نصف الْعَسْكَر قد صَار عَلَيْهِ وحرضه على الْخُرُوج بِنَفسِهِ. فَلم يطلع الْفجْر إِلَّا والأمير سيف الدّين بهادر جكي قد وصل بِكِتَاب الْأَمِير برلغي على الْبَرِيد إِلَى السُّلْطَان فَلَمَّا قضي صَلَاة الصُّبْح تقدم إِلَيْهِ وأعلمه برحيل أَكثر الْعَسْكَر إِلَى الْملك النَّاصِر وناوله الْكتاب فَلَمَّا قَرَأَهُ تَبَسم وَقَالَ: سلم على برلغي وَقل لَهُ لَا تخش من شَيْء فَإِن الْخَلِيفَة أَمِير الْمُؤمنِينَ قد عقد لنا بيعَة ثَانِيَة وجدد لنا عهدا وَقد قرئَ على المنابر وجددنا الْيَمين على الْأُمَرَاء وَمَا بَقِي أحد يَجْسُر أَن يُخَالف مَا كتب بِهِ أَمِير الْمُؤمنِينَ فَإِنَّهُ قد أكد فِي كِتَابَة العقد. ثمَّ دفع المظفر إِلَيْهِ الْعَهْد الخليفتي وَقَالَ: امْضِ بِهِ إِلَيْهِ حَتَّى يقرأه على الْأُمَرَاء والجند ثمَّ يُرْسِلهُ لي فَإِذا فرغ من قرائته يرحل بالعساكر إِلَى الشَّام وجهز لَهُ أَيْضا ألفي دِينَار أُخْرَى وَكتب جَوَابه بنظير المشافهة. فَعَاد بهادر إِلَى برلغي فَلَمَّا قرئَ عَلَيْهِ الْكتاب وانتهي إِلَى قَوْله: وَإِن أَمِير الْمُؤمنِينَ ولاني تَوْلِيَة جَدِيدَة وَكتب لي عهدا وجدد لي بيعَة ثَانِيَة فتح برلغي الْعَهْد فَإِذا أَوله: إِنَّه من سُلَيْمَان فَقَالَ: ولسليمان الرّيح ثمَّ الْتفت إِلَى بهادر وَقَالَ لَهُ: قل لَهُ يَا بَادر الذقن! وَالله مَا معي أحد يلْتَفت إِلَى الْخَلِيفَة ثمَّ قَامَ وَهُوَ مغضب. وَكَانَ سَبَب تَجْدِيد الْعَهْد أَن نَائِب دمشق لما ورد كِتَابه بِأَنَّهُ حلف أُمَرَاء الشَّام ثَانِيًا وَبعث صدر الدّين مُحَمَّد بن عمر بن مكي بن عبد الصَّمد الشهير بِابْن المرحل برسالة إِلَى السُّلْطَان صَار صدر الدّين يجْتَمع عِنْده هُوَ وَابْن عَدْلَانِ ويشغل السُّلْطَان وقته

<<  <  ج: ص:  >  >>