وانفصل عَنْهَا إِلَى الرقة فملكها وَمَا حولهَا ونازل نَصِيبين حَتَّى ملكهَا وقلعتها فورد الْخَبَر بِقصد الفرنج دمشق ونهبهم الْقرى فَسَار ونازل الْموصل فِي يَوْم الْخَمِيس حادي عشر رَجَب وألح فِي الْقِتَال فَلم ينل غَرضا ورحل يُرِيد سنجار فنازلها وضايقها من يَوْم الْأَرْبَعَاء سادس عشري شعْبَان. وَدخل رَمَضَان: فَكف عَن الْقِتَال ثمَّ تسلمها بالأمان يَوْم الْخَمِيس ثَانِيه وَأَعْطَاهَا ابْن أَخِيه الْملك المظفر تَقِيّ الدّين عمر ورحل إِلَى نَصِيبين فَأَقَامَ بهَا لشدَّة الْبرد وَسَار عَنْهَا إِلَى حران ثمَّ رَحل وَنزل على آمد لثلاث عشرَة بقيت من ذِي الْحجَّة. وفيهَا قصد الفرنج بِلَاد الْحجاز وَأَنْشَأَ الْبُرْنُس أرناط صَاحب الكرك سفنا وَحملهَا على الْبر إِلَى بَحر القلزم وأركب فِيهَا الرِّجَال وأوقف مِنْهَا مركبين على حرزة قلعة القلزم لمنع أَهلهَا من استقاء المَاء. وسارت الْبَقِيَّة نَحْو عيذاب فَقتلُوا وأسروا وأحرقوا فِي بَحر القلزم نَحْو سِتّ عشرَة مركبا وَأخذُوا بعيذاب مركبا ياتي بالحجاج من جدة وَأخذُوا فِي الْأسر قافلة كَبِيرَة من الْحجَّاج فِيمَا بَين قوص وعيذاب وَقتلُوا الْجَمِيع وَأخذُوا مركبين فيهمَا بضائع جَاءَت من الْيمن وَأخذُوا أَطْعِمَة كَثِيرَة من السَّاحِل كَانَت معدة لميرة الْحَرَمَيْنِ وأحدثوا حوادث لم يسمع فِي الْإِسْلَام بِمِثْلِهَا وَلَا وصل قبلهم رومي إِلَى ذَلِك الْموضع فَإِنَّهُ لم يبْق بَينهم وَبَين الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة سوى مسيرَة يَوْم وَاحِد ومضوا إِلَى الْحجاز يُرِيدُونَ الْمَدِينَة النَّبَوِيَّة. فَجهز الْملك الْعَادِل وَهُوَ يخلف السُّلْطَان بِالْقَاهِرَةِ الْحَاجِب حسام الدّين لُؤْلُؤ إِلَى القلزم فعمر مراكب بِمصْر والإسكندرية وَسَار إِلَى أَيْلَة وظفر بمراكب للفرنج فحرقها وَأسر من فِيهَا وَسَار إِلَى عيذاب وَتبع مراكب الفرنج فَوَقع بهَا بعد أَيَّام وَاسْتولى عَلَيْهَا وَأطلق من فِيهَا من التُّجَّار المأسورين ورد عَلَيْهِم مَا أَخذ لَهُم وَصعد الْبر موكب خيل الْعَرَب حَتَّى أدْرك من فر من الفرنج وَأَخذهم فساق مِنْهُم اثْنَيْنِ إِلَى منى ونحرهما بهَا كَمَا تنحر الْبدن وَعَاد إِلَى الْقَاهِرَة بالأسرى فِي ذِي الْحجَّة فَضربت أَعْنَاقهم كلهم. وَعَاد الأسطول من بَحر الرّوم بعد نكاية أهل الجزائر وَمَعَهُ بطسة للفرنج كَانَت تُرِيدُ وَمَات عز الدّين فرخشاه الملقب بِالْملكِ الْمَنْصُور فِي دمشق فِي أول جُمَادَى الْآخِرَة. وَمَات الشَّيْخ الزَّاهِد روزبهار بن أبي بكر بن مُحَمَّد أبي الْقَاسِم الْفَارِسِي الصُّوفِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الْخَامِس من ذِي الْقعدَة وَدفن بقرافة مصر.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute