للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

إِلَى قراسنقر بمرسوم السُّلْطَان أَن يحضر صُحْبَة المظفر إِلَى القلعة وَكَانَ عزمه أَن يقبض عَلَيْهِ أَيْضا فَفطن فراسنقر بذلك وَامْتنع من التَّوَجُّه إِلَى مصر وَاعْتذر بِأَن العشير قد جمعُوا وَيخَاف على دمشق مِنْهُم وجد فِي الْمسير وَقدم أسندمر بِالْملكِ المظفر فِي لَيْلَة الْأَرْبَعَاء الرَّابِع عشر من ذِي الْقعدَة فَلَمَّا مثل المظفر بَين يَدي السُّلْطَان قبل الأَرْض فأجلسه وعنفه بِمَا فعل بِهِ وَذكره بِمَا كَانَ مِنْهُ وَعدد ذنُوبه وَقَالَ: تذكر وَقد صحت على وَقت كَذَا بِسَبَب فلَان ورددت شَفَاعَتِي فِي حق فلَان واستدعيت نَفَقَة فِي وَقت كَذَا من الخزانة فمنعتها وَطلبت فِي وَقت حلوى بلوز وسكر فمنعتني. وَيلك! وزدت فِي أَمْرِي حَتَّى منعتني شَهْوَة نَفسِي والمظفر سَاكِت. فَلَمَّا فرغ كَلَام السُّلْطَان قَالَ لَهُ: يَا مَوْلَانَا السُّلْطَان كل مَا قلت فعلته وَلم تبْق إِلَّا مراحم السُّلْطَان. وإيش يَقُول الْمَمْلُوك لأستاذه. فَقَالَ لَهُ: يَا ركن الدّين أَنا الْيَوْم أستاذك وأمس تَقول لما طلبت أوز مشوي إيش يعْمل بالأوز الْأكل هُوَ عشرُون مرّة فِي النَّهَار. ثمَّ أَمر السُّلْطَان بِهِ إِلَى مَكَان وَكَانَ ذَلِك لَيْلَة الْخَمِيس فاستدعى بِوضُوء وَصلى الْعشَاء الْآخِرَة. ثمَّ جَاءَ السُّلْطَان وَأمر بِهِ فَقتل وَأنزل على جنوية إِلَى الإسطبل وَغسل بِهِ فِي لَيْلَة الْجُمُعَة خَامِس عشرَة وَدفن خلف القلعة. وَقدم كريم الدّين أكْرم بن الْعلم بن السديد كَاتب الْملك المظفر بِالْمَالِ والحواصل فقربه السُّلْطَان وَأَدْنَاهُ وَأثْنى عَلَيْهِ ووعده بِكُل جميل إِن أظهره على ذخائز بيبرس وَنزل إِلَى دَاره. فبذل كريم الدّين جهده فِي تتبع أَمْوَال بيبرس وخدم طغاي وكستاي وأرغون الدوادار وبذل لَهُم مَالا كثيرا حَتَّى صَارُوا أكبر أعوانه وأنصاره لَا يبرحون فِي الثَّنَاء عَلَيْهِ مَعَ السُّلْطَان. وَقدم من كَانَ مَعَ بيبرس من المماليك وعدتهم ثَلَاثمِائَة وَمَعَهُمْ الْخَيل والهجن وَالسِّلَاح ومبلغ مِائَتي ألف دِرْهَم وَعشْرين ألف دِينَار وَسِتُّونَ بقجة من أَنْوَاع الثِّيَاب. فَقبض السُّلْطَان الْجَمِيع. وَفرق المماليك على الْأُمَرَاء واختص مِنْهُم بكتمر الساقي الْآتِي ذكره وَمَا صَار إِلَيْهِ واختص أَيْضا طوغان الساقي وقباتمر وبلك فِي آخَرين. واستدعى السُّلْطَان الْقُضَاة وَأقَام عِنْدهم الْبَيِّنَة بِأَن جَمِيع مماليك بيبرس وسلار وَسَائِر مَا وَقَفاهُ من الضّيَاع والأملاك اشْترى من مَال بَيت المَال. فَلَمَّا ثَبت ذَلِك ندب السُّلْطَان الْأَمِير جمال الدّين أقوش نَائِب الكرك وكريم الدّين أكْرم لبيع تَرِكَة بيبرس وإحضار نصف مَا يتَحَصَّل فَإِنَّهُ للسُّلْطَان وَدفع النّصْف الآخر لابنَة بيبرس - امْرَأَة الْأَمِير برلغي الأشرفي - فَإِنَّهُ لم يتْرك سواهَا. فَشدد كريم الدّين الطّلب على امْرَأَة بيبرس حَتَّى أَخذ مِنْهَا جَوَاهِر عَظِيمَة الْقدر وذخائر نفيسة جدا وَحمل مِنْهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>