للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَوْتِ مُوَرَّثِهِ الْبَائِعِ لَهُ، وَيَرُدُّهُ أَنَّ قَبْضَ الْمُشْتَرِي وُجِدَ فِي الثَّلَاثَةِ حُكْمًا هُوَ كَافٍ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْأَخِيرَتَيْنِ مَا يُبْطِلُ وُرُودَهُمَا مِنْ أَصْلِهِمَا، وَمِنْ عَكْسِهِ قَبْضُ الْمُشْتَرَى لَهُ مِنْ الْبَائِعِ وَدِيعَةً بِأَنْ كَانَ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ فَتَلَفُهُ بِيَدِهِ كَتَلَفِهِ بِيَدِ الْبَائِعِ كَمَا صَرَّحُوا بِهِ، وَيَرُدُّهُ أَنَّهُ لَا أَثَرَ لِهَذَا الْقَبْضِ، وَمِنْ ثَمَّ كَانَ الْأَصَحُّ بَقَاءَ حَبْسِ الْبَائِعِ بَعْدَهُ، وَوَقَعَ لِلزَّرْكَشِيِّ فِي هَذِهِ آخِرَ الْوَدِيعَةِ مَا يُخَالِفُ مَا ذُكِرَ فِيهَا وَكَأَنَّهُ سَهْوٌ، وَإِنْ أَقَرَّهُ شَيْخُنَا عَلَيْهِ ثَمَّ وَمَا لَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ فَتَلَفُهُ حِينَئِذٍ كَهُوَ بِيَدِ الْبَائِعِ فَيَنْفَسِخُ الْعَقْدُ بِهِ، وَلَهُ ثَمَنُهُ وَلِلْبَائِعِ عَلَيْهِ مِثْلُ الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةُ غَيْرِهِ يَوْمَ التَّلَفِ، وَيُرَدُّ بِأَنَّ الْمِلْكَ حِينَئِذٍ لِلْبَائِعِ فَلَمْ يُوجَدْ فِيهِ الْمَعْنَى الَّذِي فِي الْبَيْعِ بَعْدَ الْخِيَارِ وَقَبْلَ الْقَبْضِ، وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ الِانْفِسَاخَ هُنَا بِقَوْلِهِمْ؛ لِأَنَّهُ يَنْفَسِخُ بِذَلِكَ عِنْدَ بَقَاءِ يَدِهِ فَعِنْدَ بَقَاءِ مِلْكِهِ أَوْلَى فَالْمُرَادُ بِبَقَاءِ يَدِهِ بَقَاؤُهَا أَصَالَةً لِتَصْرِيحِهِمْ فِي هَذِهِ بِأَنَّ إيدَاعَ الْمُشْتَرِي إيَّاهُ لَهُ بَعْدَ قَبْضِهِ كَبَقَائِهِ بِيَدِ الْمُشْتَرِي، وَخَرَجَ بِوَحْدَهُ مَا لَوْ تَخَيَّرَا وَالْمُشْتَرِي فَلَا فَسْخَ بَلْ يَبْقَى الْخِيَارُ ثُمَّ إنْ تَمَّ الْعَقْدُ غُرِمَ الثَّمَنُ، وَإِلَّا فَالْبَدَلُ فَرْعٌ بَاعَ عَصِيرًا وَسَلَّمَهُ فَوَجَدَهُ خَمْرًا فَقَالَ الْبَائِعُ: تَخَمَّرَ عِنْدَك، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ عِنْدَك صُدِّقَ الْبَائِعُ كَمَا رَجَّحَهُ الشَّيْخَانِ.

قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالصُّورَةُ أَنَّ الْعَصِيرَ مُشَاهَدٌ وَأَنَّهُ أَقْبَضَهُ بِإِنَاءٍ مَوْكُوءٍ عَلَيْهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ فِيهِ تَخَمُّرُهُ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ اشْتَرَى نَحْوَ زَيْتٍ ثُمَّ أَفْرَغَهُ الْبَائِعُ

ــ

[حاشية الشرواني]

يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ صُرِّحَ بِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِي مِلْكِ السَّيِّدِ، أَوْ الْوَارِثِ بِالتَّعْجِيزِ، أَوْ الْإِرْثِ لَا بِالشِّرَاءِ فَعَلَيْهِ لَا يَصِحُّ إيرَادُ هَاتَيْنِ هُنَا، وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الشِّهَابُ حَجّ بَعْدَ إيرَادِهِمَا: وَالْجَوَابُ عَنْهُمَا بِمَا مَرَّ عَلَى أَنَّهُ يَأْتِي فِي الْأَخِيرَتَيْنِ إلَخْ وَحِينَئِذٍ لَوْ كَانَ هُنَاكَ وَارِثٌ آخَرُ يُشَارِكُ فِي الْأَخِيرَةِ ثُمَّ رَأَيْت الشِّهَابَ سم صَوَّرَ الْمَسْأَلَةَ بِمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِ الْمُوَرِّثِ؛ لِأَنَّهُ قَضِيَّةُ اسْتِثْنَاءِ ذَلِكَ مِنْ الطَّرْدِ، وَهُوَ أَنَّهُ لَوْ تَلِفَ الْمَبِيعُ قَبْلَ الْقَبْضِ انْفَسَخَ الْبَيْعُ، وَسَقَطَ الثَّمَنُ ثُمَّ نُقِلَ عَنْ شَرْحِ الْإِرْشَادِ مَا هُوَ صَرِيحٌ فِيمَا قَدَّمْته مِنْ التَّصْوِيرِ وَالتَّوْجِيهِ ثُمَّ قَالَ عَقِبَهُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَنِيعٌ وَسِيَاقٌ آخَرُ، وَنَازَعَ فِيهِ بِمَا قَدَّمْته فَلْيُرَاجَعْ اهـ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: وَتَعْجِيزُ مُكَاتَبٍ) أَيْ: كِتَابَةً صَحِيحَةً اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: وَمَوْتُ مُوَرِّثِهِ إلَخْ) أَيْ: الْمُسْتَغْرِقِ لِتَرِكَتِهِ أَمَّا غَيْرُهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْصُلَ الْقَبْضُ فِي قَدْرِ حِصَّتِهِ دُونَ مَا زَادَ عَلَيْهَا اهـ ع ش (قَوْلُهُ: يَأْتِي فِي الْأَخِيرَتَيْنِ) أَيْ: فِي شَرْحِ: وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَمِنْ عَكْسِهِ) وَهُوَ أَنَّهُ إذَا تَلِفَ بَعْدَ الْقَبْضِ لَا يُفْسَخُ الْبَيْعُ بَلْ يَكُونُ مِنْ ضَمَانِ الْمُشْتَرِي اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِأَنْ كَانَ لَهُ) أَيْ: لِلْبَائِعِ (حَقُّ الْحَبْسِ) مَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَقُّ الْحَبْسِ وَأَوْدَعَ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ حَصَلَ بِهِ الْقَبْضُ الْمُضْمَنُ لِلْمُشْتَرِي، وَقَدْ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ الْوَاقِعِ عَنْ الْبَيْعِ أَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ قَبْضًا اهـ.

ع ش (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ " الْقَبْضُ وَدِيعَةٌ ". (قَوْلُهُ: مَا ذُكِرَ إلَخْ) وَهُوَ قَوْلُهُ: فَتَلَفُهُ فِي يَدِهِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لَا أَثَرَ لِهَذَا الْقَبْضِ) أَيْ: لِأَنَّهُ لَمْ يَقَعْ عَنْ الْبَيْعِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْقَبْضُ الْوَاقِعُ عَنْ الْبَيْعِ (قَوْلُهُ: بَعْدَهُ) أَيْ: بَعْدَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَهُ وَدِيعَةً (قَوْلُهُ: وَمَا لَوْ قَبَضَهُ إلَخْ) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ: قَبَضَ الْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ) وَفِي سم بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الرَّوْضِ مَا نَصُّهُ: وَالْكَلَامُ مُصَرِّحٌ بِالِانْفِسَاخِ قَبْلَ الْقَبْضِ، وَإِنْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي وَحْدَهُ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَلَهُ) أَيْ لِلْمُشْتَرِي (قَوْلُهُ: الْمَعْنَى الَّذِي إلَخْ) وَهُوَ تَمَكُّنُ الْمُشْتَرِي مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: فِي الْبَيْعِ) أَيْ: بَيْعِ الْمُشْتَرِي وَتَصَرُّفِهِ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الْخِيَارِ) أَيْ: بَعْدَ انْقِضَاءِ خِيَارِ الْبَائِعِ (قَوْلُهُ.: وَيُؤَيِّدُهُ تَعْلِيلُهُمْ)

إلَى الْفَرْعِ لَيْسَ فِي أَصْلِهِ الَّذِي عَلَيْهِ خَطُّهُ اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ (قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: الرَّدَّ (قَوْلُهُ: هُنَا) وَ (قَوْلُهُ: فِي هَذِهِ) أَيْ: فِي مَسْأَلَةِ الْقَبْضِ فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِوَحْدَهُ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ وَمَا لَوْ قَبَضَهُ الْمُشْتَرِي إلَخْ (قَوْلُهُ: فَالْبَدَلُ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ، وَإِنْ فُسِخَ فَالْقِيمَةُ أَيْ: أَوْ الْمِثْلُ وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا قَوْلُهُ: انْتَهَى اهـ سم (قَوْلُهُ: بَاعَ عَصِيرًا إلَخْ) وَمِثْلُهُ مَا لَوْ اشْتَرَى مَائِعًا وَجَدَ فِيهِ نَحْوَ فَأْرَةٍ فَقَالَ الْبَائِعُ: حَدَثَ فِي يَدِ الْمُشْتَرِي، وَقَالَ الْمُشْتَرِي: بَلْ كَانَ فِيهِ عِنْدَ الْبَائِعِ فَالْمُصَدَّقُ الْبَائِعُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: قَالَ بَعْضُهُمْ إلَخْ) يُتَأَمَّلُ مَا حَاصِلُ هَذِهِ الْقُيُودِ وَمُحْتَرَزَاتُهَا اهـ سَيِّدٌ عُمَرُ وَلَعَلَّ فَائِدَةَ قَيْدِ الْمُشَاهَدَةِ بُطْلَانُ الْبَيْعِ عِنْدَ عَدَمِهَا، وَفَائِدَةَ كَوْنِ الْإِقْبَاضِ بِإِنَاءٍ مَوْكُوءٍ عَلَيْهِ أَيْ: مَسْدُودٍ فِيهِ تَصْدِيقُ الْبَائِعِ عِنْدَ عَدَمِهِ بِلَا يَمِينٍ، وَفَائِدَةُ كَوْنِهِ بَعْدَ مُضِيِّ زَمَنٍ يُمْكِنُ إلَخْ تَصْدِيقُ الْمُشْتَرِي عِنْدَ عَدَمِهِ بِلَا يَمِينٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ: صُدِّقَ الْبَائِعُ) وِفَاقًا لِلنِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي قَالَ السَّيِّدُ عُمَرُ: وَجْهُهُ أَنَّ ذَاتَ الْعَصِيرِ شَيْءٌ وَاحِدٌ تَجَدَّدَتْ لَهُ صِفَةٌ اُخْتُلِفَ فِي وَقْتِ حُدُوثِهَا وَالْأَصْلُ فِي كُلِّ حَادِثٍ أَنْ يُقَدَّرَ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

الْبَيْعُ وَسَقَطَ الثَّمَنُ تَصْوِيرُ ذَلِكَ بِمَا إذَا تَلِفَ الْمَبِيعُ بَعْدَ تَعْجِيزِ الْمُكَاتَبِ وَمَوْتِ الْمُورَثِ، وَعِبَارَةُ التَّصْحِيحِ لَا تُنَافِي التَّصْوِيرَ بِذَلِكَ كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ خُصُوصًا، وَقَدْ صَوَّرَ مَسْأَلَةَ الْإِحْبَالِ بِمَا إذَا مَاتَتْ بَعْدَ الْإِحْبَالِ ثُمَّ عَطَفَ هَاتَيْنِ عَلَيْهَا لَكِنْ عَبَّرَ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْإِرْشَادِ: وَإِتْلَافُهُ أَيْ: الْمُشْتَرِي قَبْضٌ بِقَوْلِهِ: وَكَإِتْلَافِهِ مَا لَوْ اشْتَرَى السَّيِّدُ مِنْ مُكَاتَبِهِ، أَوْ الْوَارِثِ مِنْ مُورَثِهِ شَيْئًا ثُمَّ عَجَزَ الْمُكَاتَبُ، أَوْ مَاتَ الْمُورَثُ وَإِحْبَالُ أَبِيهِ لِلْأَمَةِ الْمَبِيعَةِ قَبْلَ الْقَبْضِ اهـ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا صَنِيعٌ وَسِيَاقٌ آخَرُ وَأَنَّهُ أَيْضًا لَا يُوَافِقُ مَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَا يَصِحُّ بَيْعُ الْمَبِيعِ قَبْلَ قَبْضِهِ بَلْ قَوْلُهُ: الْآتِي قَرِيبًا، وَفِي مَعْنَى إتْلَافِهِ كَمَا مَرَّ مَا لَوْ اشْتَرَى أَمَةً فَأَحْبَلَهَا أَبُوهُ إلَخْ كَالصَّرِيحِ فِي إرَادَةِ هَذَا الصَّنِيعِ، وَالسِّيَاقُ بِمَا ذُكِرَ هُنَا فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: فِي زَمَنِ خِيَارِ الْبَائِعِ وَحْدَهُ) قَالَ فِي الرَّوْضِ فِي أَوَاخِرِ بَابِ الْخِيَارِ وَلَوْ كَانَ الْخِيَارُ لِلْمُشْتَرِي أَيْ: وَحْدَهُ، أَوْ لَهُمَا فَتَلِفَ أَيْ: الْمَبِيعُ بَعْدَ قَبْضِهِ لَمْ يَنْفَسِخْ، وَلَمْ يَنْقَطِعْ الْخِيَارُ وَلَزِمَ الثَّمَنُ إنْ تَمَّ الْعَقْدُ، وَإِنْ فُسِخَ فَالْقِيمَةُ أَيْ: أَوْ الْمِثْلُ وَالْقَوْلُ فِي قَدْرِهَا -

<<  <  ج: ص:  >  >>