(فَكَالتَّالِفِ) نَظِيرَ مَا يَأْتِي بِمَا فِيهِ مَعَ جَوَابِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ تُرِكَ بِحَالِهِ لَفَسَدَ فَكَأَنَّهُ هَلَكَ كَمَا رَجَّحَهُ الْمُصَنِّفُ فِي نُكَتِهِ وَابْنُ يُونُسَ وَالسُّبْكِيُّ بَلْ قَالَ لَا وَجْهَ لِلْوَجْهِ الثَّانِي أَنَّهُ لِلْمَالِكِ ثُمَّ اخْتَارَ لِنَفْسِهِ مَا اسْتَحْسَنَهُ الرَّافِعِيُّ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ وَنَسَبَهُ الْإِمَامُ إلَى النَّصِّ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ جَعْلِهِ كَالتَّالِفِ وَبَيْنَ أَخْذِهِ مَعَ أَرْشِ عَيْبٍ سَارٍ أَيْ شَأْنُهُ السِّرَايَةُ وَهُوَ أَكْثَرُ مِنْ أَرْشِ عَيْبٍ وَاقِفٍ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ الْمُعْتَمَدِ أَنَّ الْغَاصِبَ غَرِمَ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ نَعَمْ الْأَوْجَهُ نَظِيرُ مَا يَأْتِي أَنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ فِيهِ إلَى أَدَاءِ بَدَلِهِ وَإِنَّمَا كَانَ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِجِلْدِ شَاةٍ قَتَلَهَا غَاصِبُهَا وَبِزَيْتٍ نَجَّسَهُ غَاصِبُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا مَالِيَّةَ فِيهِمَا فَلَمْ يَغْرَمْ فِي مُقَابَلَتِهِمَا شَيْئًا؛ لِأَنَّهُمَا صَارَا كَالتَّالِفِ (وَفِي قَوْلٍ يَرُدُّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ) كَالتَّعْيِيبِ الَّذِي لَا يَسْرِي وَخَرَجَ بِجَعَلَ مَا لَوْ حَدَثَ النَّقْصُ فِي يَدِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلِهِ كَمَا لَوْ تَعَفَّنَ الطَّعَامُ عِنْدَهُ لِطُولِ مُكْثِهِ
ــ
[حاشية الشرواني]
مَثَّلُوا بِالْمِثْلِيِّ إذْ لَا يَأْتِي ذَلِكَ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَادِمِ فَإِذَا جَرَحَ الْعَبْدَ بِحَيْثُ يَسْرِي إلَى مَوْتِهِ يَمْلِكُهُ. اهـ بُجَيْرِمِيٌّ أَقُولُ وَقَدْ يُنَافِيهِ مَا يَأْتِي آنِفًا عَنْ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَشَرْحِ الْمَنْهَجِ قَوْلُ الْمَتْنِ (بِأَنْ جَعَلَ الْحِنْطَةَ إلَخْ) أَيْ أَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي الزَّيْتِ وَتَعَذَّرَ تَخْلِيصُهُ أَوْ وَضَعَ الْحِنْطَةَ فِي مَكَان نَدِيٍّ فَتَعَفَّنَتْ عَفَنًا غَيْرَ مُتَنَاهٍ. اهـ نِهَايَةٌ قَوْلُ الْمَتْنِ (فَكَالتَّالِفِ) وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُسْتَثْنَى مِنْ كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ مَا لَوْ كَانَ الْغَاصِبُ مُفْلِسًا ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي عَنْ الْمَطْلَبِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فَالْمَذْهَبُ أَنَّهُ كَالتَّالِفِ فِي الْفَصْلِ الْآتِي مَا حَاصِلُهُ مُوَافَقَةُ الِاحْتِمَالِ الْمَذْكُورِ. اهـ سم (قَوْلُهُ نَظِيرَ مَا يَأْتِي إلَخْ) أَيْ فِي الْفَصْلِ الْآتِي فِي خَلْطِ الْمَغْصُوبِ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ فَكَأَنَّهُ هَلَكَ) فَيَغْرَمُ بَدَلَ جَمِيعِ الْمَغْصُوبِ مِنْ مِثْلٍ أَوْ قِيمَةٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنٍ وَشَرْحُ مِنْهَاجٍ (قَوْلُهُ بَلْ قَالَ) أَيْ السُّبْكِيُّ وَكَذَا ضَمِيرُ اخْتَارَ (قَوْلُهُ إنَّهُ لِلْمَالِكِ) بَيَانٌ لِلْوَجْهِ الثَّانِي
(قَوْلُهُ وَاقِفٌ) أَيْ غَيْرُ سَارٍ (قَوْلُهُ وَوَجْهُ الْأَوَّلِ إلَخْ) وَهُوَ كَوْنُهَا كَالتَّالِفِ فَيَمْلِكُهَا الْغَاصِبُ (قَوْلُهُ مَقَامَهَا) أَيْ الْحِنْطَةِ (قَوْلُهُ إنَّهُ يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَخْ) إطْلَاقُهُ صَادِقٌ بِمَا إذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ أَدَاءُ الْبَدَلِ حَالًا وَأَشْرَفَ نَحْوُ الْهَرِيسَةِ عَلَى التَّلَفِ وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ ثَمَّ التَّغْلِيظُ عَلَيْهِ لِتَعَدِّيهِ وَزَجْرِ غَيْرِهِ عَنْ الْإِقْدَامِ عَلَى الْغَصْبِ. اهـ سَيِّدْ عُمَرْ وَيَأْتِي عَنْ ع ش مَا قَدْ يُخَالِفُهُ
(قَوْلُهُ إلَى أَدَاءِ بَدَلِهِ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَمُغْنِي مِلْكُ الْغَاصِبِ لِمَا ذُكِرَ أَنَّهُ يَمْلِكُهُ مِلْكًا مُرَاعًى بِمَعْنَى أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِيهِ قَبْلَ غُرْمِ الْقِيمَةِ. اهـ أَيْ أَوْ الْمِثْلِ رَشِيدِيٌّ قَالَ الْبُجَيْرَمِيُّ، وَلَوْ بِأَكْلٍ، وَإِنْ خَافَ تَلَفَهُ بِالْكُلِّيَّةِ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ بِدَلِيلِ مَا صَرَّحَ بِهِ شَيْخُنَا م ر وَغَيْرُهُ مِنْ امْتِنَاعِ الْأَكْلِ مِنْ الْكَوَارِعِ الْمَطْبُوخَةِ أَيْ الْمَأْخُوذَةِ فِي الْمُكُوسِ الْآنَ، وَإِنْ جُهِلَتْ أَعْيَانُ مُلَّاكِهَا؛ لِأَنَّهُمْ مَعْلُومُونَ فَهِيَ مِنْ الْأَمْوَالِ الْمُشْتَرَكَةِ، وَمَا نُقِلَ عَنْهُ م ر مِنْ أَنَّهَا مِنْ الْأَمْوَالِ الضَّائِعَةِ وَأَمْرُهَا لِبَيْتِ الْمَالِ لَمْ يَثْبُتْ عَنْهُ بَلْ هُوَ بَاطِلٌ وَمَا نُقِلَ عَنْ الْحَنَفِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ إذَا تَصَرَّفَ الْغَاصِبُ فِي الْمَغْصُوبِ بِمَا يُزِيلُ اسْمَهُ مَلَكَهُ كَطَحْنِ الْحِنْطَةِ وَخَبْزِ الدَّقِيقِ أَنْكَرَهُ أَصْحَابُنَا أَشَدَّ إنْكَارٍ، وَنَقَلَ عَنْ بَعْضِ الْحَنَفِيَّةِ إنْكَارَهُ أَيْضًا فَرَاجِعْهُ قَلْيُوبِيٌّ عَلَى الْجَلَالِ وَقَرَّرَهُ الْحِفْنِيُّ اهـ وَقَالَ ع ش قَوْلُهُ م ر قَبْلَ غُرْمِ الْقِيمَةِ، فَلَوْ عَجَزَ عَنْ الْقِيمَةِ وَأَشْرَفَ عَلَى التَّلَفِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ الْأَمْرَ إلَى الْقَاضِي لِيَبِيعَهُ وَيَدْفَعَ قِيمَتَهُ مِنْ ثَمَنِهِ لِلْمَالِكِ فَإِنْ فُقِدَ الْقَاضِي احْتَمَلَ أَنْ يَتَوَلَّى الْمَالِكُ بَيْعَهُ بِحَضْرَةِ الْغَاصِبِ أَوْ الْغَاصِبِ بِحَضْرَةِ الْمَالِكِ وَيَأْخُذَ الْمَالِكُ قَدْرَ الْقِيمَةِ مِنْ ثَمَنِهِ فَإِنْ فَضَلَ شَيْءٌ فَلِلْغَاصِبِ؛ لِأَنَّهُ يُقَدَّرُ دُخُولُهُ فِي مِلْكِهِ فَإِنْ فُقِدَ الْمَالِكُ تَوَلَّى الْغَاصِبُ بَيْعَهُ وَحَفِظَ ثَمَنَهُ لِحُضُورِ الْمَالِكِ وَبَقِيَ مَا يَقَع فِي بِلَادِ الْأَرْيَافِ مِنْ الطَّعَامِ الْمُسَمَّى بِالْوَحْشَةِ وَمِنْ الْوَلَائِمِ الَّتِي تُفْعَلُ بِمِصْرِنَا مِنْ مَالِ الْأَيْتَامِ الْقَاصِرِينَ وَمَعْلُومٌ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْغَصْبِ فَهَلْ بِوَضْعِهِ فِي فَمِهِ يَصِيرُ كَالتَّالِفِ، وَإِنْ لَمْ يَمْضُغْهُ أَوْ لَا يَصِيرُ كَذَلِكَ إلَّا بِالْمَضْغِ وَعَلَى الْأَوَّلِ فَهَلْ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ بَلْعُهُ قَبْلَ دَفْعِ الْقِيمَةِ أَوْ يَبْلَعَهُ وَتَثْبُتَ الْقِيمَةُ فِي ذِمَّتِهِ أَوْ يَلْفِظَهُ وَيَرُدَّهُ لِصَاحِبِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ الْبَلْعُ قَبْلَ غُرْمِهِ الْقِيمَةَ فَإِنْ لَمْ يَغْرَمْهَا وَجَبَ عَلَيْهِ لَفْظُهُ مِنْ فِيهِ وَرَدُّهُ لِمَالِكِهِ مَعَ غَرَامَةِ أَرْشِ النَّقْصِ اهـ
(قَوْلُهُ أَدَاءُ بَدَلِهِ) أَيْ مِنْ الْمِثْلِ أَوْ الْقِيمَةِ (قَوْلُهُ وَإِنَّمَا كَانَ إلَخْ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي وَعَلَى الْأَوَّلِ أَيْ كَوْنِهِ كَالتَّالِفِ بِمِلْكِ الْغَاصِبِ ذَلِكَ، وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ لِئَلَّا يَقْطَعَ الظُّلْمُ حَقَّهُ وَكَمَا لَوْ قَتَلَ شَاةً يَكُونُ الْمَالِكُ أَحَقَّ بِجِلْدِهَا لَكِنْ فُرِّقَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ الْمَالِيَّةَ هُنَا بَاقِيَةٌ وَفِي مَسْأَلَةِ جِلْدِ الشَّاةِ غَيْرُ بَاقِيَةٍ. اهـ قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ وَقِيلَ يَبْقَى لِلْمَالِكِ أَيْ مَعَ أَخْذِهِ لِلْبَدَلِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ السِّيَاقِ وَبِهَذَا يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَبَيْنَ قَوْلِ الْمَتْنِ وَفِي قَوْلٍ رَدَّهُ مَعَ أَرْشِ النَّقْصِ. اهـ.
(قَوْلُهُ وَبِزَيْتٍ نَجَّسَهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَمِثْلُ الشَّاةِ مَا لَوْ نَجَّسَ الزَّيْتَ مَثَلًا فَإِنَّهُ يَغْرَمُ بَدَلَهُ وَالْمَالِكُ أَحَقُّ بِزَيْتِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمَا صَارَا كَالتَّالِفِ) لَعَلَّ الْأَوْلَى إسْقَاطُهُ؛ لِأَنَّهُ مَوْجُودٌ فِي مَسْأَلَةِ الْهَرِيسَةِ أَيْضًا، وَالْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الْفَرْقُ بَيْنَهُمَا كَمَا مَرَّ آنِفًا (قَوْلُهُ وَخَرَجَ) إلَى قَوْلِهِ وَسَيَأْتِي فِي النِّهَايَةِ وَالْمُغْنِي
(قَوْلُهُ مَا لَوْ حَدَثَ النَّقْصُ فِي يَدِهِ إلَخْ) فِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْغَاصِبِ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا فَيَشْمَلُ مَنْ انْبَنَتْ يَدُهُ عَلَى
ــ
[حاشية ابن قاسم العبادي]
قَوْلُهُ فِي الْمَتْنِ فَكَالتَّالِفِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَفَارَقَ نَظِيرُهُ فِي الْفَلَسِ حَيْثُ جُعِلَ مُشْتَرَكًا بَيْنَ الْبَائِعِ وَالْمُفْلِسِ وَلَمْ يُجْعَلْ كَالتَّالِفِ بِأَنَّا لَوْ لَمْ نُثْبِتْ لَهُ الشَّرِكَةَ لَمَا حَصَلَ لَهُ تَمَامُ حَقِّهِ بَلْ احْتَاجَ إلَى الْمُضَارَبَةِ وَهُنَا يَحْصُلُ لِلْمَالِكِ تَمَامُ الْبَدَلِ. اهـ وَقَدْ يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الْغَاصِبَ قَدْ يَكُونُ مُفْلِسًا إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بِأَنَّهُ أَيْضًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ إلَى أَدَاءِ الْبَدَلِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ فَلَا يَفُوتُ تَمَامُ حَقِّ الْمَالِكِ بِخِلَافِ الْمُفْلِسِ غَيْرِ الْغَاصِبِ؛ لِأَنَّ عَمَلَهُ مُحْتَرَمٌ فَلَا يَتَعَلَّقُ