للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرُ الْوَاهِبِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِزَوَالِهَا وَإِنْ كَانَتْ الْهِبَةُ مِنْ الِابْنِ لِابْنِهِ أَوْ لِأَخِيهِ لِأَبِيهِ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْ الْجَدِّ، أَوْ الْأَبِ

قَالَ شَارِحٌ وَلَوْ مَرِضَ الِابْنُ وَرَجَعَ الْأَبُ، ثُمَّ مَاتَ الِابْنُ هَلْ يَصِحُّ رُجُوعُهُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَحْجُورًا عَلَيْهِ لَمْ أَرَ مَنْقُولًا وَاَلَّذِي يَظْهَرُ صِحَّةُ رُجُوعِهِ؛ لِأَنَّ الْحَجْرَ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ فِي التَّبَرُّعَاتِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ رَأَيْت الْأَذْرَعِيَّ وَغَيْرَهُ صَرَّحُوا بِمَا ذَكَرْته وَفَرَّقَ بَعْضُهُمْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ حَجْرِ الْفَلْسِ بِأَنَّهُ أَقْوَى لِمَنْعِهِ التَّصَرُّفَ وَإِيثَارِ بَعْضِ الْغُرَمَاءِ، وَالْمَرَضُ إنَّمَا يَمْنَعُ الْمُحَابَاةَ وَلَا يَمْنَعُ الْإِيثَارَ (وَلَا) بِنَحْوِ (تَعْلِيقِ عِتْقِهِ) وَتَدْبِيرِهِ، وَالْوَصِيَّةِ بِهِ (وَتَزْوِيجِهَا وَزِرَاعَتِهَا) لِبَقَاءِ السَّلْطَنَةِ (وَكَذَا الْإِجَارَةُ عَلَى الْمَذْهَبِ) لِبَقَاءِ الْعَيْنِ بِحَالِهَا وَمَوْرِدُ الْإِجَارَةِ الْمَنْفَعَةُ فَيَسْتَوْفِيهَا الْمُسْتَأْجِرُ مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ لِلْوَاهِبِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَفَارَقَ مَا هُنَا رُجُوعُ الْبَائِعِ بَعْدَ التَّحَالُفِ بِأَنَّ الْفَسْخَ ثَمَّ أَقْوَى وَلِذَا جَرَى وَجْهٌ أَنَّ الْفَسْخَ ثَمَّ يَرْفَعُ الْعَقْدَ مِنْ أَصْلِهِ وَلَا كَذَلِكَ هُنَا.

(وَلَوْ زَالَ مِلْكُهُ) أَيْ: الْفَرْعِ عَنْ الْمَوْهُوبِ (وَعَادَ) وَلَوْ بِإِقَالَةٍ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ (لَمْ يَرْجِعْ) الْأَصْلُ الْوَاهِبُ لَهُ (فِي الْأَصَحِّ) ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ حِينَئِذٍ نَعَمْ قَدْ يَزُولُ وَيَرْجِعُ كَمَا مَرَّ فِي نَحْوِ تَخَمُّرِ الْعَصِيرِ وَكَمَا لَوْ وَهَبَهُ وَأَقْبَضَهُ صَيْدًا فَأَحْرَمَ وَلَمْ يُرْسِلْهُ، ثُمَّ تَحَلَّلَ كَذَا قِيلَ وَرُدَّ بِأَنَّ مِلْكَ الْوَلَدِ الزَّائِلِ بِالْإِحْرَامِ لَا يَعُودُ بِالتَّحَلُّلِ بَلْ يَلْزَمُهُ إرْسَالُهُ وَلَوْ بَعْدَهُ وَخَرَجَ بِزَالَ مَا لَوْ لَمْ يَزُلْ وَإِنْ أَشْرَفَ عَلَى الزَّوَالِ كَمَا لَوْ ضَاعَ فَالْتَقَطَهُ مُلْتَقِطٌ وَعَرَّفَهُ سَنَةً وَلَمْ يَتَمَلَّكْهُ فَحَضَرَ الْمَالِكُ وَسَلَّمَ لَهُ فَلِأَبِيهِ الرُّجُوعُ فِيهِ وَلَوْ وَهَبَهُ الْفَرْعُ لِفَرْعِهِ وَأَقْبَضَهُ، ثُمَّ رَجَعَ فِيهِ فَفِي رُجُوعِ الْأَبِ وَجْهَانِ وَاَلَّذِي يُتَّجَهُ مِنْهُمَا عَدَمُ الرُّجُوعِ لِزَوَالِ مِلْكِهِ ثُمَّ عَوْدِهِ سَوَاءٌ أَقُلْنَا إنَّ الرُّجُوعَ إبْطَالٌ لِلْهِبَةِ، أَمْ لَا؛ لِأَنَّ الْقَائِلَ بِالْإِبْطَالِ لَمْ يُرِدْ بِهِ حَقِيقَتَهُ وَإِلَّا لَرَجَعَ فِي الزِّيَادَةِ الْمُنْفَصِلَةِ (وَلَوْ زَادَ رَجَعَ بِزِيَادَتِهِ الْمُتَّصِلَةِ) ؛ لِأَنَّهَا تَابِعَةٌ وَمِنْهَا تَعَلُّمُ صَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ وَحَرْثِ الْأَرْضِ وَإِنْ زَادَتْ بِهَا الْقِيمَةُ لَا حَمْلٍ عِنْدَ الرُّجُوعِ حَدَثَ بِيَدِهِ

ــ

[حاشية الشرواني]

قَوْلُهُ بِمُوجَبِهِ مُفْرَدٌ مُضَافٌ لِمَعْرِفَةٍ فَهُوَ عَامٌّ وَمَدْلُولُهُ كُلِّيَّةٌ فَكَأَنَّهُ قَالَ حَكَمْت بِانْتِقَالِ الْمِلْكِ وَبِصِحَّةِ الرُّجُوعِ عِنْدَ وُقُوعِهِ وَهَكَذَا إلَى آخِرِ مُقْتَضَيَاتِهِ سَوَاءٌ فِيهَا مَا وَقَعَ وَمَا لَمْ يَقَعْ بَعْدَ، وَقَدْ قَالَ أَئِمَّتُنَا يَقَعُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْحُكْمِ وَالصِّحَّةِ، وَالْحُكْمُ بِالْمُوجَبِ مِنْ أَوْجَهٍ مِنْهَا أَنَّ الْعَقْدَ الصَّادِرَ إذَا كَانَ صَحِيحًا بِالِاتِّفَاقِ وَوَقَعَ الْخِلَافُ فِي مُوجَبِهِ فَالْحُكْمُ بِصِحَّتِهِ لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ غَيْرِ مَنْ حَكَمَ بِهَا وَلَوْ حَكَمَ بِالْمُوجَبِ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِمُوجَبِهِ عِنْدَ غَيْرِهِ مِثَالُهُ التَّدْبِيرُ صَحِيحٌ بِالِاتِّفَاقِ وَمُوجَبُهُ إذَا كَانَ تَدْبِيرًا مُطْلَقًا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ مَنَعَ الْبَيْعَ فَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِصِحَّةِ التَّدْبِيرِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مَانِعًا مِنْ بَيْعِهِ عِنْدَ مَنْ يَرَى صِحَّةَ بَيْعِ الْمُدَبَّرِ أَيْ: كَالشَّافِعِيِّ وَلَوْ حَكَمَ حَنَفِيٌّ بِمُوجَبِ التَّدْبِيرِ امْتَنَعَ الْبَيْعُ أَيْ: عِنْدَ الشَّافِعِيِّ اهـ بِحَذْفٍ وَفِيهَا هُنَا فَوَائِدُ لَا يُسْتَغْنَى عَنْهَا قَالَ الرَّشِيدِيُّ قَوْلُهُ م ر لَا يَمْنَعُ مِنْ الْعَمَلِ بِمُوجَبِهِ يَعْنِي مَا يُخَالِفُهُ فِي الْمُوجَبِ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي وَقَوْلُهُ مَرَّ مُطْلَقًا إنَّمَا قَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْخِلَافِ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْحَنَفِيِّ، أَمَّا إذَا كَانَ مُقَيَّدًا كَمَا إذَا قَالَ إذَا مِتُّ مِنْ هَذَا الْمَرَضِ مَثَلًا فَالْحَنَفِيُّ يُوَافِقُنَا عَلَى صِحَّةِ بَيْعِهِ اهـ

(قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَهِنُ إلَخْ) الْوَاوُ لِلْحَالِ سم وع ش (قَوْلُهُ: لِزَوَالِهَا) أَيْ: السَّلْطَنَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الِابْنِ) أَيْ: الْمُتَّهِبِ عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَلَوْ وَهَبَ لِوَلَدِهِ شَيْئًا وَوَهَبَهُ الْوَلَدُ لِوَلَدِهِ لَمْ يَرْجِعْ الْأَوَّلُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْمِلْكَ غَيْرُ مُسْتَفَادٍ مِنْهُ وَلَوْ بَاعَهُ مِنْ ابْنِهِ، أَوْ انْتَقَلَ بِمَوْتِهِ إلَيْهِ لَمْ يَرْجِعْ الْأَبُ قَطْعًا؛ لِأَنَّ ابْنَهُ لَا رُجُوعَ لَهُ فَالْأَبُ أَوْلَى وَلَوْ وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ فَوَهَبَهُ الْوَلَدُ لِأَخِيهِ مِنْ أَبِيهِ لَمْ يَثْبُتْ لِلْأَبِ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّ الْوَاهِبَ لَا يَمْلِكُ فَالْأَبُ أَوْلَى وَلَوْ وَهَبَهُ الْوَلَدُ لِجَدِّهِ، ثُمَّ الْجَدُّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ فَالرُّجُوعُ لِلْجَدِّ فَقَطْ اهـ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَهُ) أَيْ: حَجْرِ الْمَرَضِ (قَوْلُهُ: مِنْ غَيْرِ رُجُوعٍ لِلْوَاهِبِ إلَخْ) وَعَلَيْهِ فَلَوْ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ فَقِيَاسُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّ الْمَالِكَ لَوْ آجَرَ الدَّارَ، ثُمَّ بَاعَهَا، ثُمَّ انْفَسَخَتْ الْإِجَارَةُ عَادَتْ الْمَنْفَعَةُ لِلْبَائِعِ لَا لِلْمُشْتَرِي أَنَّهَا تَعُودُ هُنَا لِلْأَبِ اهـ ع ش

(قَوْلُهُ: وَفَارَقَ مَا هُنَا) أَيْ: حَيْثُ يَرْجِعُ الْوَاهِبُ فِي الْمَوْهُوبِ مَسْلُوبِ الْمَنْفَعَةِ مِنْ غَيْرِ رُجُوعِهِ بِشَيْءٍ عَلَى الْمُؤَجِّرِ وَ (قَوْلُهُ: رُجُوعَ الْبَائِعِ) أَيْ: حَيْثُ يَرْجِعُ عَلَى الْمُشْتَرِي الْمُؤَجِّرِ بِأُجْرَةِ الْمِثْلِ لِمَا بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ اهـ رَشِيدِيٌّ.

(قَوْلُهُ: أَيْ: الْفَرْعِ) إلَى قَوْلِ الْمَتْنِ وَيَحْصُلُ الرُّجُوعُ فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ وَخَرَجَ إلَى وَلَوْ وَهَبَهُ وَقَوْلُهُ سَوَاءٌ إلَى الْمَتْنِ وَقَوْلُهُ وَزَرَعَهُ إلَى وَلَوْ عَمِلَ (قَوْلُهُ: وَلَوْ بِإِقَالَةٍ إلَخْ) أَيْ: أَوْ إرْثٍ نِهَايَةٌ وَمُغْنٍ قَوْلُ الْمَتْنِ (لَمْ يَرْجِعْ) وَقَدْ نَظَمَ ذَلِكَ بَعْضُهُمْ فَقَالَ

وَعَائِدٌ كَزَائِلٍ لَمْ يَعُدْ ... فِي فَلَسٍ مَعْ هِبَةٍ لِلْوَلَدِ

اهـ ع ش (قَوْله لَا يَعُودُ بِالتَّحَلُّلِ إلَخْ) أَيْ: فَلَا يُتَصَوَّرُ هُنَا رُجُوعٌ لِعَدَمِ مِلْكِ الْوَلَدِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ أَيْضًا اهـ سم (قَوْلُهُ: كَمَا لَوْ ضَاعَ إلَخْ) أَيْ: أَوْ كَاتَبَهُ، ثُمَّ عَجَزَ فَلَهُ الرُّجُوعُ اهـ مُغْنِي (قَوْلُهُ: أَمْ لَا) وَهُوَ الرَّاجِحُ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: بِالْإِبْطَالِ) أَيْ: إبْطَالِ الرُّجُوعِ لِلْهِبَةِ

(قَوْلُهُ: تَعَلُّمُ صَنْعَةٍ وَحِرْفَةٍ) لَا بِتَعْلِيمِ الْفَرْعِ فِيمَا يَظْهَرُ أَخْذًا مِنْ نَظِيرِهِ فِي الْفَلْسِ اهـ نِهَايَةٌ عِبَارَةُ الْمُغْنِي ذَكَرَا مِنْ الزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ تَعَلُّمَ الْحِرْفَةِ وَحَرْثَ الْأَرْضِ لَكِنْ ذَكَرَ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّ تَعَلُّمَ الْحِرْفَةِ كَالْعَيْنِ وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ الْوَلَدَ يَكُونُ شَرِيكًا فِيهَا بِمَا زَادَ كَالْقِصَارَةِ وَأَجَابَ عَنْ ذَلِكَ الزَّرْكَشِيُّ بِأَنَّ مَا هُنَا تَعَلُّمٌ لَا مُعَالَجَةَ لِلسَّيِّدِ فِيهِ، وَمَا هُنَاكَ تَعَلُّمٌ فِيهِ مُعَالَجَةٌ اهـ.

(قَوْلُهُ: وَحِرْفَةٍ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ اهـ ع ش (قَوْلُهُ: وَحَرْثِ الْأَرْضِ) قَدْ يُشْكِلُ هَذَا بِمَا بَحَثَهُ مَرَّ فِي تَعْلِيمِ الْفَرْعِ اهـ ع ش وَيُؤَيِّدُ الْإِشْكَالَ مَا مَرَّ عَنْ الْمُغْنِي عَنْ الزَّرْكَشِيّ، وَمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِ الشَّارِحِ وَلَوْ عَمِلَ فِيهِ إلَخْ بَلْ قَدْ يَدَّعِي دُخُولَهُ فِي نَحْوِ الْقِصَارَةِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ زَادَتْ بِهَا) أَيْ: بِالزِّيَادَةِ الْمُتَّصِلَةِ (قَوْلُهُ: لَا حَمْلِ إلَخْ) أَيْ فَلَا يَتْبَعُ الْأُمَّ فِي الرُّجُوعِ

ــ

[حاشية ابن قاسم العبادي]

صَيْدًا فَأَحْرَمَ الْفَرْعُ وَلَمْ يُرْسِلْهُ، ثُمَّ تَحَلَّلَ مَمْنُوعٌ لِزَوَالِ مِلْكِ الْفَرْعِ عَنْهُ بِالْإِحْرَامِ عَلَى الْأَصَحِّ الْمَنْصُوصِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْمُرْتَهِنُ غَيْرُ الْوَاهِبِ) حَالٌ (قَوْلُهُ لِزَوَالِهَا) أَيْ: السَّلْطَنَةِ ش.

(قَوْلُهُ: وَرُدَّ بِأَنَّ مِلْكَ الْوَلَدِ إلَخْ) كَأَنَّ حَاصِلَ الرَّدِّ أَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ هُنَا رُجُوعٌ لِعَدَمِ مِلْكِ الْفَرْعِ بَعْدَ التَّحَلُّلِ وَقَدْ صَارَ الصَّيْدُ مُبَاحًا فَلِلْأَصْلِ أَخْذُهُ لَا بِطَرِيقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>